الرجل الذي أضاء العالم
بقلم : رتيبة بودلال
كم من الموجع أن يكون منا هذا الرجل ثم نكون على ما نحن عليه ، كم من المخزي أننا لا نأخذ من سيرته سوى ما نستعمله لمصالحنا.
قال فيه حسان بن ثابت : وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني
وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ
خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ
كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ
وقال هو عن نفسه : ( أدَّبني ربي فأحسن تأديبي )
وقال عنه خالق الكون ، الله سبحانه وتعالى ( وإنك لعلى خُلـُق ٍ عظيم ) صدق جل وعلا ،
وقال عنه هرقل عظيم الروم بعدما طرح الأسئلة الكثيرة عنه لأبي سفيان : ( لو كنت عنده لغسلت عن قدمه )
أما نجاشي الحبشة أصحمة بن أبجر فقد أخضلت عبراته لحيته بعدما سمع بعض ما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم - ثم قال قولته الصادقة ( إن هذا الكلام والذي جاء به عيسى ، ليخرجان من مشكاة واحدة )
وقال عنه المفكر الفرنسي لامارتين من كتاب "تاريخ تركيا"، باريس، 1854 : ( محمد هوالنبي الفيلسوف الخطيب ، المشرِّع المحارب ، قاهر الأهواء ، وبالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية أود أن أتساءل : هل هناك من هو أعظم من النبي محمد ؟ أعظم حدث في حياتي هو أنني درست حياة رسول الله محمد دراسة واعية ، وأدركت ما فيها من عظمة وخلود، ومن ذا الذي يجرؤ على تشبيه رجل من رجال التاريخ بمحمد ؟! ومن هو الرجل الذي ظهر أعظم منه ، عند النظر إلى جميع المقاييس التي تُقاس بها عظمة الإنسان؟! إن سلوكه عند النصر وطموحه الذي كان مكرساً لتبليغ الرسالة وصلواته الطويلة وحواره السماوي هذه كلها تدل على إيمان كامل مكّنه من إرساء أركان العقيدة . إن الرسول والخطيب والمشرع والفاتح ومصلح العقائد الأخرى الذي أسس عبادة غير قائمة على تقديس الصور هو محمد ، لقد هدم الرسول المعتقدات التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق ، أيُ رجل أدرك من العظمة الإنسانية مثلما أدرك محمد صلى الله عليه وآله و صحبه وسلم ، وأيُ إنسان بلغ من مراتب الكمال مثل ما بلغ ، لقد هدم الرسول المعتقدات الباطلة التي تتخذ واسطة بين الخالق والمخلوق)
ويضيف لامارتين: ( إن محمدا أقل من الإله وأعظم من الإنسان العادي أي أنه نبي.)
أماالإنجليزي برنارد شو فيقول في كتابه "محمد" ، والذي أحرقته السلطة البريطانية: ( إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد ، هذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين قادر على هضم جميع الديانات ، خالدا خلود الأبد ...إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم اليوم ، لوُفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام و السعادة التي يرنو البشر إليها ) وقد رفض أن يكون أداة لتشويه صورة الرسول "صلى الله عليه وآله و صحبه وسلم" عندما طلب منه البعض أن يمسرح حياة النبي حيث جاء رفضه قاطعاً.
ومما قاله عن الإسلام ورسوله:
(قرأت حياة رسول الإسلام جيداً، مرات ومرات لم أجد فيها إلا الخلق كما يجب أن يكون، وأصبحت أضع محمداً في مصاف بل على قمم المصاف من الرجال الذين يجب أن يتبعوا).
و ( لما قرأت دين محمد أحسست أنه دين عظيم، وأعتقد أن هذا الدين العظيم سيسود العالم ذات يوم قريب مقبل إذا ما وجد الفرصة لانتصاره، ليتعرف العالم عليه بلا تعصب).
وقال أيضاً ( لو أن محمداً وجد في هذا العالم اليوم لاستطاع بقوة إقناعه أن يحل كل مشكلات العالم وان يجعل الحب والسلام هم الحياة، ولاشك أن الإسلام ونبي الإسلام، استطاعا أن يجعلاني أقف باحترام شديد للرسالة ورسولها وتمنيت دائماً بأن يكون الإسلام هو سبيل العالم فلا منقذ له سوى رسالة محمد).
كما قال : ( لم يسجل التاريخ أن رجلاً واحداً ، سوى محمد ، كان صاحب رسالة وباني أمة ، ومؤسس دولة … هذه الثلاثة التي قام بها محمد ، كانت وحدة متلاحمة ، وكان الدين هو القوة التي توحدها على مدى التاريخ) .
ويقول الكاتب عالم الفلك والرياضيات والمؤرخ اليهودي مايكل هارت في كتابه "مائة رجل في التاريخ" ( إن اختياري محمد ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ ، قد يدهش القراء ، لكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله ، الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها. )
أما المهاتما غاندي فيقول ( بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول محمد ، وجدت نفسي بحاجة للتعرف أكثر على حياته العظيمة ، إنه يملك بلا منازع قلوب ملايين البشر ) وأضاف الزعيم الهندي المهاتما غاندي في مكان آخر، ( إن نبي الإسلام هو الذي قادني إلى المناداة بتحرير الهند"، "العظيم الخالد إلى الأبد محمد بن عبد الله رسول الإسلام كان قادراً على السيطرة على العالم كله، ومع ذلك ترك نفسه إنساناً بالإسلام ولم تستطع شهوة الشيطان في السيطرة أن تحوم حتى حوله فعاش نبي الإسلام رسولاً، بشراً عادياً أمام إخوانه من الناس، كواحد منهم رغم أنه اصطفاء إلهي).
كما يقول المصلح الاجتماعي الإنجليزي توماس كارلايل ، هذا الفيلسوف الإنجليزي الحائز على جائزة نوبل ( إني لأحب محمدا لبراءة طبعه من الرياء والتصنع ، إنه يخاطب بقوله الحر المبين قياصرة الروم وأكاسرة العجم ، يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة الدنيا والحياة الآخرة ، لم يكن رسول الإسلام من محبي الشهرة كما يدعي البعض لم يكن في فؤاد ذلك النبي العظيم أي طمع دنيوي، لأن الذي يتمسك بحبل الله لا تهمه الظواهر ولا السطحيات، فقد تمسك بحبل الله ضارباً حسابا الربح والخسارة عرض الحائظ غير مهتم بجاه أو شهرة أو سلطان، ولو كان يريد ذلك لركن إلى أقوال الذين ساوموه على ذلك، لكنه أقسم أنهم لو وضعوا في يديه القمر والشمس على أن يترك هذا الدين ما تركه).
أما الأديب الإنجليزي جورج ويلز فيقول عنه أنه ( أعظم من أقام دولة للعدل والتسامح )
و يقول " ديوان شند شرمة " في كتابه: " أنبياء الشرق ". طبعة كلكتا ( 1935 ) ص122:
( لقد كان محمد روح الرأفة والرحمة وكان الذين حوله يلمسون تأثيره ولم يغب عنهم أبدا ) .
ويقول الباحث الإنجليزي لايثنر ( إني لأجهر برجائي بمجيء اليوم الذي يحترم فيه النصارى المسيح عليه السلام احتراما عظيما باحترامهم محمدا ، ولا ريب في أن المسيحي المعترف برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وبالحق الذي جاء به ، هو المسيحي الصادق )
أما الأديب الروسي الكبير تولستوي فيرى أن (يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة ) و في مكان آخر قال ( لا يوجد نبي حظي باحترام أعدائه سوى النبي محمد مما جعل الكثرة من الأعداء يدخلون الإسلام).
ويتابع الأديب الروسي ( أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد، الذي اختاره الله الواحد لتكون أخر الرسالات على يديه وقلبه وعقله، ليكون هو أيضاً آخر الأنبياء حيث لم يأت ولن يأت بعده جديد، اعتراف محمد بالأنبياء الذين سبقوه بتكليف من الإله الواحد ليقدموا البناء الاجتماعي العالمي الذي جاء يستكمله دليل لا يقبل الشك فقد جاء محمد ليستكمل بالإسلام البناء الاجتماعي للإنسان في كل مكان، ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق ، وجعلها تجنح للسكينة والسلام ، وفتح لها طريق الرقي والمدنية). ويقول سليم قبعين ، مترجم كتاب تولستوي في مقدمته ، و هو مسيحي لبناني :
( بعد إطلاعي على رسالة الأديب الروسي ليو تولستوي عن الإسلام وعن النبي محمد, هالني ما جاء فيها من الحقائق الباهرة فدفعتني الغيرة على الحق الى ترجمتها الى العربية) .
أما المستشرق ميشون فيقول ( إن الإسلام الذي أمر بالجهاد قد تسامح مع أتباع الأديان الأخرى ، وبفضل تعاليم النبي محمد لم يمس عمر الخطاب المسيحيين بسوءٍ حين فتح القدس ) .
وقال عنه المؤرّخ الإنجليزي وليم موير ( امتاز محمد بوضوح كلامه، ويسر دينه، وأنه أتم من الأعمال ما أدهش الألباب، لم يشهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس، وأحيا الأخلاق الحسنة، ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل محمد).
أما المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون فيقول ( إن محمدا هو أعظم رجال التاريخ )
أما ويل ديورانت ، مؤلف موسوعة قصة الحضارة فيقول ( إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن محمدا هو أعظم عظماء التاريخ )
جون وليام دريبر
يقول ( جون وليام دريبر) الحاصل على دكتوراة في الطب والحقوق في كتابه " تاريخ التطور الفكري الأوروبي " . طبعة لندن ( 1875 ) المجلد الأول ، ص 229 و 230 :
( ولد في مكة بجزيرة العرب عام 569 بعد المسيح ، بعد أربع سنوات من موت جوستنيان الأول ، الرجل الذي كان له من دون جميع الرجال ، أعظم تأثير على الجنس البشري .. وهو محمد ) .
يقول ر. ف. س. بودلي في : " الرسول " لندن ( 1946 ) ص 9 :
( إنني أشك أن أي إنسان لا يتغير لكي يلائم ويوافق التغيرات الكثيرة جدا في ظروفه الخارجية ، كما لم يتغير محمد ) .
ويقول " جون أوستن " في مقال له بعنوان " محمد نبي الله " في مجلة ت. ب. وكاسل الأسبوعية في 12 سبتمبر سنة 1927 :
( لقد أصبح محمد بالفعل في خلال ما يربو قليلا عن العام ما يمكن أن نسميه بالحاكم الروحي والدنيوي للمدينة ، ويده على الرافعة التي كان مقدر لها أن تهز العالم ) .
أما بوسورث سميث، فيقول في كتابه "محمد والمحمدية"، لندن 1874، صفحة 92.
( لقد كان محمد قائدا سياسيا وزعيما دينيا في آن واحد. لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة. ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد ثابت. إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها ودون أن يسانده أهلها.)
ويقول سنرستن الآسوجي ، أستاذ اللغات السامية ، في كتابه "تاريخ حياة محمد" : إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ).
ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي( إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته.)
وقال عنه الشاعر والأديب الألماني يوهان فولفجانج جوته : (إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان ، فوجدته في النبي محمد .)
ويقول البروفسورراما كريشنا راو (لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا).
أما السير مويرفيقول ( إن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمداً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمداً في طليعة الرسل ومفكري العالم).
وفي كتابها "حياة وتعاليم محمد" تقول المستشرقة البريطانية آني بيزنت:
( من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المعلم العربي العظيم.)
يقول المستشرق الألماني برتلي سانت هيلر في كتابه "الشرقيون وعقائدهم( كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته، وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبيُّ بين ظهرانيها، فكان النبي داعياً إلى ديانة الإله الواحد ،وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس البشرية ، وهما : العدالة والرحمة.)
أما الكونت كاتياني يقول في كتابه "تاريخ الإسلام " :
( أليس الرسول جديراً بأن تقدَّم للعالم سيرته حتى لا يطمسها الحاقدون عليه وعلى دعوته التي جاء بها لينشر في العالم الحب والسلام؟! )
المؤرخ كريستوفر دارسون يقول في كتابه (قواعد الحركة في تاريخ العالم):
( إن الأوضاع العالمية تغيرت تغيراً مفاجئاً بفعل فرد واحد ظهر في التاريخ هو محمد)
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتابه "العرب"
( لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله : (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ )) كان محمد رحمة حقيقية ، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق)
يقول الباحث الفرنسي كليمان هوارت
( لم يكن محمداً نبياً عادياً ، بل استحق بجدارة أن يكون خاتم الأنبياء ، لأنه قابل كل الصعاب التي قابلت كل الأنبياء الذين سبقوه مضاعفة من بني قومه … نبي ليس عادياً من يقسم أنه "لو سرقت فاطمة ابنته لقطع يدها" ! ولو أن المسلمين اتخذوا رسولهم قدوة في نشر الدعوة لأصبح العالم مسلماً).
أما برتراند راسل وهو أحد فلاسفة بريطانيا الكبار والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1950،فقد قال: ( لقد قرأت عن الإسلام ونبي الإسلام فوجدت أنه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية، فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفل بها كتابه مازلنا نبحث ونتعلق بذرات منها وننال أعلى الجوائز من أجلها، و كان محمد بتعاليمه وكتابه أحق بكل الجوائز لكنه لم يسع إلى ذلك وترك الأمور تسير بطبيعتها حتى لا يتهم بأن الإسلام بالسيف ساد وانتشر، لقد كانت ومازالت ديانة محمد توحيداً سهلاً ولم يزعم لنفسه انه إله ولا زعم أتباعه له هذه الطبيعة الإلهية نيابة عنه، لقد كانت الأخلاق الإسلامية منذ محمد وحتى اليوم وغداً هي المفتاح الحقيقي للإنسان الذي يحلم بان يكون لوجوده معنى).
كما أبدى الفليسوف الفرنسي جان جاك روسو إعجابه بالنبي محمد "صلى الله عليه وسلم" فقال:
( لم ير العالم حتى اليوم رجلا استطاع أن يحول العقول، والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا محمداً، ولو لم يكن قد بدأ حياته صادقاً أميناً ما صدقه أقرب الناس إليه، خاصة بعد أن جاءته السماء بالرسالة لنشرها على بني قومه الصلاب العقول والأفئدة، لكن السماء التي اختارته بعناية كي يحمل الرسالة كانت تؤهله صغيراً فشب متأملاً محباً للطبيعة ميالا للعزلة لينفرد بنفسه)
ويؤكد روسو قائلاً ( لو أن محمداً عاش مدة أطول مما عاش، لأصبح الإسلام ورسوله سادة العالم)
وعن الكيفية التي تعامل بها الرسول "صلى الله عليه وسلم" مع اليهود قال الزعيم الألماني هتلر ( أعتقد أن الذي استطاع أن يتعامل مع اليهود، ويكسبهم ويشل حركتهم في نفس الوقت هو رسول الإسلام محمد الذي فهم ما تدور به عقولهم وقلوبهم، لذا كان محمداً حريصاً منهم حريصاً عليهم ليبلغ رسالته فاستقطبهم بطريقته التي لم ولن يصل إلى مرتبتها أحد، فالتعامل مع اليهود مشكلة غير عادية أنهم لا يستحقون الحياة إلا أن محمداً كان واسع الصدر يملك منطقا غير عادي، تأكدنا منه لتعامله معهم بالود الذي لم يألفوه وبالقوة التي شهدوها).
ويتابع هتلر ( اعتقد أنه لو كان محمد في عصرنا هذا لما فعل ما فعلت مع اليهود ).
هكذا شهدوا له ، استوقفتهم سيرته العطرة فانبهروا بها واعترفوا له ، أنصفوه ولم يروه أو يرثوا دينه عن آبائهم ، بل أوصلهم إليه العقل المتنور ، والموضوعية العلمية ، والأمانة التاريخية ، بحثوا في سيرته ، ونقبوا عن مناقبه وسجلوا شهادتهم للتاريخ ، مشاهير من المفكرين والباحثين والزعماء الروحيين وقفوا مأخوذين أمام ذلك الرجل الذي أضاء العالم ، محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذلك العربي الأمي الذي جاء إلى العالم فوجد نفسه يتيم الأب ، ثم مالبثت الأم أن انتقلت بدورها إلى الرفيق الأعلى ، ليتربى يتيم الأبوين في كفالة جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب ، ذلك الشاب الذي عاش في مجتمع تفرخ فيه الفواحش والموبقات والمنكرات ، ومع ذلك اشتهر بالعفة والنقاء والصدق حتى لقب بالصادق الأمين ، ثم تحمل أعظم رسالة سماوية ، الرسالة التي جمعت كل الديانات السماوية وتممتها وجاءت إلى البشرية كافة ، وهي تختلف عن سابقاتها في شموليتها وعالميتها وخلوها من النقص الذي يستوجب تتميمها برسالة تلحقها ، هذه الرسالة تكلـَّفها فأحسن تبليغها ، فجاءت سيرته وشخصيته بهذه العظمة التي انتزعت إعجاب كل ذي عقل ، واحترام كل نزيه ، واجتذبت بعطرها اهتمام المفكرين والفلاسفة ، الزعماء و القساوسة ، واستطاعت أن تنفذ إلى قلوبهم وأن تتغلغل في مداركهم ، وتسلب منهم الألباب ، إنها السيرة المحمدية المضيئة التي – بعد أربعة عشر قرنا من عصره – هاهي تستحوذ على أفئدة الناس من كل الشرائح والمستويات : علماء ، رجال دين ، فنانون ، رياضيون ، وأشخاص عاديون كتب الله لهم جميعا أن يبلغهم نور محمد –صلى الله عليه وسلم- ليس بالسيف ولا بالسحر ولكن بالسيرة العظيمة التي قالت عنها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :( كان خُلُقه القرآن).
وهاهي ذكرى مولده الشريف تعودنا ككل عام لتجدنا نتنافس في اقتناء آخر صيحات الألعاب النارية والشماريخ و المفرقعات ، والمتفجرات المتنوعة شكلا وتسمية وخطورة ، بدل الاستعداد لها بتدارس سيرته ، والتتلمذ على يديه ، والنهل من بحر مدرسته الربانية ، ها هي ذكرى مولده تعود لتجدنا في غفلتنا الطويلة ، و هواننا الفظيع ، لتجدنا كما قال – صلى الله عليه وسلم – يوما لأصحابه : (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها قال قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ قال أنتم يومئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن قال قلنا وما الوهن قال حب الحياة وكراهية الموت.) صدق الحبيب المصطفى ، ها نحن تتقاسمنا مخالب وأنياب اللئام ، بينما كل همنا أن نتنافس على السفاسف ، ونتسابق من أجل التفاهات ، مهملين سيرته الشريفة وسنته الطاهرة العفيفة التي لو اقتدينا بها وسرنا على هديها لكان حالنا غير هذا ، بل وزاهدين في التعرف على جوانب شخصيته الفذة ، إننا نعرف عن مشاهير هوليود ومشاهير كرة القدم كل تفاصيل حياتهم ، بل تجد الواحد منا يحفظ عن ظهر قلب عدد أهداف لاعبه المفضل ، وفي أية دقيقة من المباراة سجل كل هدف ، والمبلغ الذي تعاقد عليه مع ناديه ، بل وأسماء النوادي التي تتنافس من أجل استقطابه ، لكننا لانعرف عن محمد بن عبد الله – عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام - ، الرسول الأخير الذي اصطفاه الله ليكمل للبشرية دينها ، لا نعرف عنه سوى تلك المعلومات العامة التي تعلمناها في درس التربية الإسلامية في مرحلة التعليم الإبتدائي ، وإذا كان الواحد منا متدينا تجده يحفظ الكثير من الأحاديث التي يستعملها ليبرهن للآخرين تدينه ، كما يحفظ كل الأدعية والأذكار التي يعتقد أنها صكوك الغفران التي ستضمن له الخلود في الجنة ، أما السيرة النبوية والسلوك اليومي للرسول الكريم فيعتبره صفة مقصورة على النبي ، ومن الغرور الطمع في الاقتداء به وتمثل سيرته ، وبذلك يعفي نفسه من عبء الالتزام الحري به كمسلم يملك إرثا وصفه النبي بأنه (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تظلوا بعدي : كتاب الله وسنتي ) .
كم من الموجع أن يكون منا هذا الرجل ثم نكون على ما نحن عليه ، كم من المخزي أننا لا نأخذ من سيرته سوى ما نستعمله لمصالحنا ، فتجد الواحد منا يبحث عن الأحاديث من قبيل ( من قال كذا ...كذا مرة لم تمسه النار ) لأن كل همنا هو إثقال ميزان الحسنات ، غافلين عن حقيقة أننا أثناء ذلك قد نثقل ميزان سيئاتنا أيضا : فقد قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – ( بلغوا عني ولو آية ) فكم آية بلغنا ؟ ألا نستأثر بهذا الدين لأنفسنا كأنه كُتب لنا في الإرث ؟ أليس من حق من لا يعرف هذا الدين أن نعرِّفه به ؟ أليس من واجبنا تصحيح المفاهيم المشوهة للإسلام في عقول الآخرين ؟ أليس اكتفاؤنا بضمان الجنة لأنفسنا أنانية وأثرة ، وتخليا صريحا عن رسالة رسولنا ؟ فأي ميزان أثقلنا إذن ؟ لقد مكنتنا التكنولوجيا المتطورة من التعرف على غير المسلمين وكيف يرون ديننا ، وعلمنا أن كثيرين منهم ذوي فطرة سليمة ، تتلاءم مع روح الإسلام ولا ينقصهم سوى التعرف على هذا الدين ، فماذا فعلنا ؟ نحن مع الأسف نكتفي بالمقولة الشهيرة ( لو ذكروا الشهادتين لسبقونا إلى الجنة ) فنحن نفضل أن نسبقهم ، نحن نصلي ونصوم ، ونقرأ أذكار الصباح والمساء ، وقد نصلي الضُّحى وبقية النوافل ، نصوم الإثنين والخميس ، شوال والأيام البيض ، وإمعانا في الورع نحج كل عام أو على الأقل نعتمر ، لكننا إذا خاصمنا فجرنا وإذا حدثنا كذبنا وإذا أؤتمنا خنَّا ، هم لا يكذبون ولا يخونون ولا يفجرون ، فإذا نطقوا بالشهادتين ثم صلوا وصاموا ، وربما حجوا فماذا سيبقى لنا ؟ سيسبقوننا !! فليذهبوا إلى الجحيم : ( جنتهم في دنيتهم ) ولن نسمح لهم بمزاحمتنا في جنتنا الخالدة ، هذا مع الأسف شأننا مع رسالة نبينا المصطفى ، حتى عندما تعود ذكرى مولده الشريف نكتفي بإحراق أطنان من الألعاب النارية والشموع والبخور ، بل ونتنافس في عدد الصواريخ ، ومدى ارتفاعها في السماء ، وعدد علب السينيال والقنابل المتسلسلة ، رغم الحوادث الخطيرة ، ورغم اقتناعنا ببطلانها وعدم إثقالها لميزان الحسنات بل وبإثقالها لميزان سيئاتنا، إلا أننا لا نستطيع التخلي عن نفاقنا الاجتماعي الذي صار إدمانا لا نملك شيئا أمام سلطانه وجبروته .
لهف نفسي ، واحرَّ قلباه ، متى نستحق الانتماء إليك أيها الحبيب المصطفى ؟ أم أنك حين قلت ( طوبى للغرباء ، الذين آمنوا بي ولم يروني ) كنت تقصد أولئك الذين اكتشفوك واهتدوا بهديك بعد ظلالهم ، وتركوا لأجل رسالتك مباهج الشهرة وبهارج المجد ، أولئك الذين يدخلون في دين الله أفواجا ، من رياضيين وسياسيين ، مفكرين وعلماء دين ، أطباء وفنانين ؟ لهف نفسي .
0 التعليقات:
إرسال تعليق