وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الخميس، 26 أبريل 2012

المدرسة الجزائرية: إصلاحات أم إصلاحيات


المدرسة الجزائرية: إصلاحات أم إصلاحيات.
بقلم : الأستاذ: السبتي سلطاني

حدثني بعض ممن اشتعل رأسهم شيبا في التعليم أنّه بات يتحسر ليل نهار عن حال المعلم في زمن الفضائيات والفايس بوك والسكايب والكيتمان، كيف لا وهو أصبح اليوم يواجه تلاميذ لم يعد يهمهم من العلم والتعلم سوى النجاح وبأي ثمن نعم بأي ثمن.
* المدرسة الجزائرية:من الإصلاحات إلى الإصلاحيات *
حدثني بعض ممن اشتعل رأسهم شيبا في التعليم أنّه بات يتحسر ليل نهار عن حال المعلم في زمن الفضائيات والفايس بوك والسكايب والكيتمان، كيف لا وهو أصبح اليوم يواجه تلاميذ لم يعد يهمهم من العلم والتعلم سوى النجاح وبأي ثمن نعم بأي ثمن.
لقد أصبحت فترة الاختبارات بمختلف أنواعها من الاختبارات الفصلية إلى الاختبارات النهائية هاجسا حقيقيا يعيشه المربي مع الأسف الشديد خاصة في مستوى التعليم الثانوي، لأن اصطلاحات بن بوزيد جعلت التلميذ "يتغول" على الجميع، إذ لم يعد يأبه لوجود جهاز إداري يسهر على تطبيق القوانين داخل المؤسسة التربوية، كما لم يعد يلقي بالا للطاقم التربوي الذي لم يعد يطيق صبرا على حال أبنائه التلاميذ الذين تغير حالهم بـ 180 درجة مئوية.
ولكم أن تطالعوا مختلف الجرائد التي لم تعد تخلوا صفحاتها تقريبا وبصفة شبه يومية من أخبار الاعتداءات على الأساتذة الذين يفترض أن يكونوا بمثابة الآباء، لأن ما يقضيه التلميذ بين أيديهم أكثر من الوقت الذي يقضيه مع أهله وذويه في البيت، ناهيك عن المكانة التي من المفروض أن يحتلها هذا المعلم والأستاذ في قلب وعقل المتعلم.
وانطلاقا من ذلك جاز لنا أن نتساءل وبكل الهواجس: أين الخلل؟
أتصور أن أكبر مصيبة طالت العملية التربوية في بلادنا هي مجانية النجاح التي أصبحت هي الظاهرة الجديدة الدالة على نجاح (عملية الإصلاحات التربوية)، إن قاعدة النجاح للجميع طرح خاطئ علميا وعمليا، إذ الأصل أن النجاح لا يكون إلا للأكفأ، لكن عندما يصبح الجميع ينجح مهما كان مستواه المعرفي، فإن الطامة كبرى لأن النتائج الوخيمة لهذا الطرح سوف تنعكس مستقبلا على مستوى التحصيل العلمي والأكاديمي خلال المراحل اللاحقة من العملية التعليمة، وهو ما نعيشه مع الأسف في المرحلة الجامعية، حيث نجد طلبة بمستويات معرفية متدنية جدا، وليتخيل الجميع معي كيف أن طالبة جامعية تدرس السنة أولى تخصص لغة عربية تكتب الفعل " ضرب " بهذا الشكل " ظرب " والحادثة حقيقية وليست من صنع الخيال، لأنني وقفت عليها شخصيا أثناء فترة اختبارات السداسي الأول.
لعل السبب الثاني في اعتقادي في " تغول " التلميذ على الجميع هو تواطؤ بعض الأولياء – سامحهم الله – لأنهم يؤمنون بمبدأ ميكيافيلي: الغاية تبرر الوسيلة، إذ أصبح بعض الآباء لا يهمهم كيف ينجح ابنه، ولا بأي معدل ينجح بقدر ما يهمه أن ينجح وفقط، والأدهى والأمر أن بعض الأولياء تحولوا إلى الوقوف إلى جانب أبنائهم ظالمين أو مظلومين، لكن في نهاية المطاف يخسر الجميع، وأول الخاسرين طبعا هو هذا الصنف من الآباء.
الحقيقة أنّنا إذا أمعنا النظر في دراسة ظاهرة "تغوّل" التلاميذ في مدارسنا ومؤسساتنا التربوية، لن تكيفينا هذه الصفحات، لذلك فإنني أدعو المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التربية إلى الوقوف على هذه الظاهرة التي تحولت في بعض المؤسسات التربوية إلى بعبع مخيف ورهيب يطارد الأساتذة الذين أصبحوا يعيشون بين مطرقة القوانين التي تقف دوما في صف المتعلم، وسندان الضمير الذي لا أتصور وجود أستاذ واحدعلىوجهالأرض يفتقده. 
الأستاذ:السبتي  سلطاني
جامعة الطارف

0 التعليقات:

إرسال تعليق