وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الثلاثاء، 24 يناير 2012

وصية الإمام ابن الجوزي




وصية الإمام ابن الجوزي
رحمه الله إلى ولده
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في رسالته اللطيفة "لفتة الكبد في نصيحة الولد" ، متحدثاً لولده عن نشأتهِ ومبتدأ حاله : 
"واعلم يابُني ، أن أبي كان موسراً وخلف ألوفاً من المال ، فلما بلغت دفعوا لي عشرين ديناراً ودينارين ، وقالوا لي : هذه التركة كلها ، فأخذت الدنانير واشتريت بها كتباً من كتب العلم ، وبعت الدارين وأنفقت ثمنها في طلب العلم ، ولم يبقى لي شيء من المال ، وما ذَلَّ أبوك في طلب العلم قط ، ولا خرج يطوف في البلدان من الوعاظ ، ولا بعث رقعةً إلى أحد يطلب منه شيئاً قطُّ ، وأموره تجري على السداد،}ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب[ . الطلاق الآية (3) .
فاجتهد يابُني في صيانة عرضك من التعرض لطلب الدنيا والذُّلِّ لأهلها ، واقنع تُعَزّ ، فقد قيل : من قنع بالخبز والبقل لم يستعبدهُ أحد ، ولقد كنت أُصبح وليس لي مأكل ، وأُمسي وليس لي مأكل ، ما أذلَّني الله تعالى لمخلوق قط ، ولكنه ساق رزقي لصيانة عِرضي ، ولو شرحتُ أحوالي لطال الشرح ، وها أنا قد ترى ما آلت حالي إليه . اهـ . صفحات من صبر العلماء (ص324ـ325) .
بدأ ابن الجوزي رحمه الله طلب العلم صغيراً ، بل وأصبح واعظاً وهو في العاشرة من عمره ، وقد وصل إلى مرتبة لم يصلها أحد قبله ، ولا أحد بعده .
قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله تعالى : وكان رأسا في التذكير بلا مدافعة يقول النظم الرائق والنثر الفائق بديها ويسهب ويعجب ويطرب ويطنب ، لم يأت قبله ولا بعده مثله ، فهو حامل لواء الوعظ والقيم بفنونه مع الشكل الحسن والصوت الطيب والوقع في النفوس وحسن السيرة ، وكان بحرا في التفسير علامة في السير والتاريخ موصوفا بحسن الحديث ومعرفة فنونه فقيها عليما بالإجماع والإختلاف جيد المشاركة في رآه ذا تفنن وفهم وذكاء وحفظ واستحضار وإكباب على الجمع والتصنيف مع التصون والتجميل وحسن الشارة ورشاقة العبارة ولطف الشمائل والأوصاف الحميدة والحرمة الوافرة ثم الخاص والعام ،ما عرفت أحدا صنف ما صنف     توفي أبوه وله ثلاثة أعوام فربته عمته وأقاربه كانوا تجارا في النحاس فربما كتب اسمه في السماع عبد الرحمان بن علي الصفار ثم لما ترعرع حملته عمته إلى ابن ناصر فأسمعه الكثير وأحب الوعظ ولهج به وهو مراهق فوعظ الناس وهو صبي ثم ما زال نافق السوق معظما متغاليا فيه مزدحما عليه مضروبا برونق وعظه المثل كماله في ازدياد واشتهار إلى ان مات رحمه الله وسامحه فليته لم يخض في التأويل ولا خالف إمامه . اهـ .  سير أعلام النبلاء (21/367ـ368)

0 التعليقات:

إرسال تعليق