وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الأحد، 10 فبراير 2013

حنين

افتراضي حنين,,

حنينلم:فاطمة عبد القادر
حنين ,,طفلة كانت في عقدها العاشر ,عندما غرقت في بحر الشمال, إثر عاصفة مفاجئة مجنونة لم تدم إلا دقائق معدودات .كانت في رحلة مدرسية,وكانت تسبح مع السابحين ساعتها ,
وهذه أمها ,تهدي النثرية أدناه لكل أمٍ فقدت فلذة من كبدها في تلك الحادثة,ثم من قبل ومن بعد .



بحرُ الشَّمال,,,
صرْتَ عدوِّي,, يا حبيبَها !!
كمْ عَشِقَتْ اللونَ الأخضر,, يمورُ في عينيك ,
وعَشِقَتْ ذوبَ الفضَّة , في كفَّيكَ , وعلى قدَميك,
وعَشِقَتْ الشَّفق, متهادياً على خدَّيك,
عشِقَتْكَ حنين!!
أََحَبَّتْكَ, يا بحرَ الشَّمال.
/
يا بحر,,,
لماذا غَدَرتَ بها؟
كيفَ تواطأتَ مع الرِّيحِ عليها؟؟
كيفَ كبَّلْتَ يديها ؟
كيف قبضْتَ عليها ؟
لماذا فغرْت فاهَكَ الجبَّار ,
مثلَ قِرْشٍ,
مثلَ وحْشٍ بوجهِها ؟
كيفَ استطاعَ شدْقاكَ ابتلاعها ؟
وكيف اتفقْتَ مع الموجِ على اقتلاعِها ؟
أبداً
لن يُسامحكَ قلبي يا بحرَ الَّشمال !.
/
يا بحر,,
كانَتْ وردةً صغيرة, ناعمة الخدَّين,,
كنسمةٍ, وقتَ الظَّهيرة.
/
يا بحر,,
كانَتْ نجمةً مضيئة, تنير الدُّنيا كلّها,,
بسمتُها البريئة .
/
يا بحر,,
كانَتْ فراشةً زرقاء, ناعمةً ألوانها,,
كأحلام المساء.
أتسمعُني يا بحرَ الشَّمال ؟
يا بحرَ الظلمات ,
يا بحرَ الضَّلال.
/
حنين ,,
حبيبتي ,
يا أريجَ التفَّاح في الخدَّين,
في شعرِها ,,في جيدِها ,,في قلبِها ,,
في الذِّراعين ,
يا لحنَ الفرحِ في العينين,
يا لونَ الثَّلجِ على الوجهِ,
وعلى الجبين,
يا بسمةَ الشَّمسِ على الشفتين .
/
آه حنين,,,
أيجلدُني القضاءُ بنارٍ
أم بثلجٍ يجلدُني,, حنين ؟
أتحرُقُني الأقدارُ حرقاً
أم يكفّنني صقيعٌ سخين؟
ذابَت حَشاشتي, وسالَ قلبي,,
يا ربُّ العالمين,,
يا ربُّ العالمين
هل زفَّتها الملائكةُ حقًاً للعرشِِ المكين ؟
أهذة حقيقةٌ أم خيال ؟
هل هو كابوسٌ؟
أم رقصٌ مخيفٌ على شفرةِ سكِّين ؟؟
أكرَهُكَ يا بحرَ الشَّمال,,
تباً لك تباً,, يا كلَّ الشَّمال!.
/
دَعوني أبكي ,
فدموعي اليومَ مُرَّة,,
دَعوني أُغرقُ هذا البحرَ مُرَّاً
ولو مَرَّة ,
شمسُ عمري انطفأت,
ونجمتي أفلَت,
وقمري قد رَحل عن هذة المجرَّة.
أمسيتُ في ليل طويل,
رهيبٍ, حالكٍ ,,,
طويل,,
مذاق عمري ما أمَرَّه,
انطفأَ فيهِ سراجي,
وذابت شمعتي ,
وغابت عن قلبي المسرَّة
أخذتَها مني,,
أخذتَها يا بحرُ الشَّمال
ماذا فعلتَ يا بحرُ الشَّمال ؟
/
آهٍ حنين,,,
أصبحتُ من بعِدك كيساً من رماد,
إلا جمرةٌ في قلبي ,,, تتقد تحتَ الرَّماد,
تكويني ,تُشعِلُ ثيابي ,تُلهبُ سريري
تحرقُني,,
يا فلذةَ الرُّوح,
يا روحَ الفؤاد,,
يا فلذة كبدي الذي ذاَب قبلَ المعاد!.
آهٍ حنين,,,
آهٍ من فراقِك والحنين,
آهٍ من خنجرِِ الحزنِ في خاصرتي,,
آهٍ من طولِ البعاد !.
/
آهٍ حنين ,,,
آهٍ من حربةِ الحزن في كبد السنين,
آهٍ من وجعي القادم حنين,
آهٍ من اليقين,
آهٍ من مُرِّ الليالي ,,ومن وجعي,
ومن حرقةِ المسامير,
في فراشي تلسعني!!.
أكرهُك,,
أكرهُك,, يا بحرَ الشَّمال
/
يا طِفلتي الحبيبة,
حنين,,
تعالي إليَّ بالمنام ,,
فإنَّ قلبي االمضطرب,
يحتاجُ قليلاً للسَّلام .
حنين ,,,
تعالي إليَّ بالسَّحر,,
فإنَّ صدري المشتعل,
يحتاجُ قليلاً للمطر.
حنين ,,,
تعالي إليَّ في الخيال,,
فإنَّ عقلي الملتهب ,
يحتاجُ قليلاً للظِّلال .
أبغضُك ,,,,
أبغضُك أنا, يا بحرَ الشَّمال,
أبغضُك يا كلَّ الشَّمال.
/
آهٍ حنين,,
لو ضَمَمْتُكِ لقلبي ثانيةً,
فلن تنزعَك مني القوى,
حتى ولا لمح البصر!.
آهٍ صغيرتي ,,
لو أمسكتُ بطيفَك مرَّةً,
لهربتُ به إلى النُّجوم,,
و خبأتُه خلَفَ القمر !.
لن أغفرَ لك عمري يا بحرَ الَّشمال
يا بحرَ الكآبةِ والظلمات ,
يا بحرَ الجليد ,
يا بحرَ الزُّكامِ,
يا بحرَ السُّعال ,
/
صغيرتي,,
ينتفضُ الكونُ بقلبي,
لو تعلمين,,
ناري تشعلُ السَّماءَ,, حنين ,
دخانٌ ساخنٌ ينفخُ روحي ,
دمعتي جفَّتْ ,
جفَّ دمي ,
هولٌ يلفُّ أعصابي ,
ولا تدرين .
/
آهٍ حنين,,
لا أصدِّق,,
حنين الجميلة,
صاحبةَ العطر الناعم,
والعين الكحيلة ,
صاحبةَ الأيدي النظيفة,
والنفس العفيفة,
والنظرة الخجولة,
راقدةً تحت التراب ,,.
آه قلبي ,,,
لمن سألمِّعُ المرايا؟
لمن أضعُ الزهورَ في الزوايا ؟
لمن أرتبُ المناشف,
وأعطِّرُ الشراشفَ والحشايا؟
مَن يلفُّ معي أوراقَ الدوالي ؟
من يُطربُني بالضحكات,
والنغمات في عتم الليالي؟
من يخصّني بالأقاصيص,,
والحكايا ؟؟
/
آه قلبي
أشفقُ عليها,,,!
الشفقةُ تطحنُني ,
تعصرُني ,
تفتِّتُ عظامي وتسحقُني .
يدٌ حديدُ تشقُّ صدري ,,
تنشبُ أظافرَها بضلوعي,
تشلعُ فؤادي من الجُذور ,
ترميه في دربٍ معتمٍ,
عاصفٍ , مهجور ,,
تمزقُني,,
/
ويلي
عندما يهبطُ الظلام ,
ويلي عندما يهطلُ المطر ,
كم أشفقُ عليها ,,
ليتني لم أرَ نورَ الحياةِ,
ولم اشمّ هواءَها .
راحتْ حبيبةُ قلبي ,
وراحَ شبابُها
لمن أعيشُ أنا,بعدَ مُصابي بها ,
ورحيلها ؟؟
/
هل تدري يا بحرُ ما فعلتَ بي ؟
وأيّ جهنَّمٍ سعَّرتَه في قلبي ؟
فكلّ ما بكَ من ماءٍ لا يطفىءُ ناري,
وكلّ ما بكَ من ملحٍ لا يبرىءُ جرحي ,
وكلّ ما بكَ من كنزٍ لا يعوّضُ كفّي,
وكلّ ما عندَكَ من سعدٍ لا يطمِسُ حزني,,,,
لا يطمسُ حزني,
لا يُذهبُ غمِّي ,,يا بحرَ الشَّمال .
تباً لك تباً يا كلَّ الشّمال.
/
حنين ,,
ذابَتْ صَرخاتي في السنين ,
ويداي الممدودةَ نحوك ,,
تعبتْ,وشُلَّتْ,
وسجدَت للعظيم ,
وللأمرِ العظيم .
/
يا بحر
قاسٍ قلبُك منذُ الأزلْ,
وموجُك غدّارٌ, كانَ ولمْ يزلْ,
يا بحرَ الشَّمال ,,,
لك العزَّةُ والمجد ,ولك الفخر,
دُرَّتي,,
تسطعُ على صدرِك,
دهراً بعدَ دهر ,
لك الفخر,,
ولي أنا الحزن والقهر,
لي الله ,,,
لي الصَّبر
يا بحرَ الشَّمال

0 التعليقات:

إرسال تعليق