I. المدرسة الفرنسية (التاريخية):
1.مفهوم الأدب المقارن :
لقد استعمل اسم " الأدب المقارن" في فرنسا منذ قرن ونيف، حين أخذ " فيللمان" منذ عام 1827م، يستعمله في محاضراته في السربون، وأطلق هذا الاسم على منابر كثيرة خصصت له ابتداء من عام 1830م، كما سميت به كتب عدة ابتداءا من عام 1840م، وقد بلغ فرط الذيوع وسعة الانتشار في أيامنا ما يجعل من المستحيل علينا أن ننزع عنه هذا الاسم، لنحل محله اسما آخر أدنى إلى الصواب.
على أنه قد استعملت و لا تزال تستعمل إلى الآن أسماء أخرى أقرب إلى الدقة و الوضوح، ولكنها أبعد عن الايجاز و السهولة، فبعض المنابر الجامعية و الدرجات العلمية يطلق عليها رسميا اسم " الآداب الحديثة المقارنة". كما أن الكوليج دي فرانس عادت في الفترة الأخيرة إلى الاسم الذي كان يستعمله جوزيف تكست، وهو " تاريخ الآداب المقارن".
وفي عام 1832م أطلق "ج.ج. أمبير "على محاضراته اسم : " تاريخ الأداب المقارنة"، ويطلق كذلك اسم " التاريخ الأدبي المقارن" كما يلاحظ في كتاب: " أمشاج في التاريخ الأدبي العام و المقارن" المقدم إلى م. بالدينسبرجر عام 1930م. (1)
كما نجد أن المدرسة الفرنسية أو مدرسة المقارنيين الفرنسية، قد تشددت في حصر الأدب المقارن بحقل دراسة الصلات بين أدبين أو أكثر ، وهو المفهوم الأساسي الذي غلب على الأدب المقارن منذ نشأته ، فأبت هذه المدرسة أن تفهم الأدب المقارن إلا من خلال هذا التحديد الدقيق القائم على مفهوم " التأثر و التأثير".
فالمفهوم الأصلي للأدب المقارن هو مفهوم ما يسمى جوازا" المدرسة الفرنسية التقليدية"، إذ حدد مؤسسها الفعلي "بول فان تييغم" الأدب المقارن بأنه: " دراسة آثار الآداب المختلفة من ناحية علاقاتها بعضها ببعض". و الذي كان يرى بأن الأدب المقارن يجب أن يشمل :
* علاقات الأدبين اليوناني و اللاتيني أحدهما بالآخر، ثم ما تدين به الآداب الحديثة منذ العصور الوسطى.للآداب القديمة، ثم العلاقات بين الآداب الحديثة المعاصرة. لكن هذا القسم الأخير، وهو أوسع الأقسام و أكثرها تعقيدا، هو المقصود عادة من قولهم : " الأدب المقارن".
كما أكد "جان ماري كاريه" أن الأدب المقارن يعتمد على مفهوم التأثر و التأثير من خلال الصلات بين الآداب أو الأدباء من بلدان مختلفة، واستبعد المقارنات غير القائمة على الصلات من منهجية الأدب المقارن، كما رفض فكرة التطابق بين الأدب العام و الأدب المقارن:" فرع من فروع التاريخ الأدبي، لأنه دراسة للعلائق الروحية الدولية و الصلات الواقعية، التي توجد بين بيرون و بوشكين، وجوته، وكارليل،، ووالترسكوت، وفيني، أي بين المنتجات و الالهامات، بل بين حيوات الكتاب المنتمين إلى آداب عدة، وهو لا ينظرمن وجهة جوهرية، إلى المنتجات، من حيث قيمها-الأصلية ولكنه يعنى على الأخص، بالتحولات، التي تخضع لها كل دولة أو كل مؤلف مستعاراته، ففي الواقع أن كلمة التأثير معناها غالبا التأويل، فرد الفعل، فالمقاومة، فالمعركة..."
وهذه النظرة ورثها فيما بعد عنه "ماريوس فرانسوا غويار" الذي عد هو أيضا الأدب العام و الأدب العالمي " مطمعين غيبيين" و آثر أن يسمي الأدب المقارن " تاريخ العلاقات الأدبية الدولية" .
وكان فرديناند بالدينسبرجر الفرنسي هو الذي أسس لهذا المفهوم الذي عملت على بثه وجلاء جوانبه مجلة الأدب المقارن "
0 التعليقات:
إرسال تعليق