وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الجمعة، 9 مارس 2012

الخطاب الأدبي



- الخطاب الأدبي :
إن عبارة "الخطاب الأدبي" تميِّز نوعا معيّنا من الخطابات عن الأنواع الأخرى ، ووجود خطاب أدبي يفترض وجود خطاب غير أدبي ، ولكل من الخطابين مقاييس تميزه ، والتعرف على مقاييس الخطاب الأدبي تعني استخلاص أدبيّته ، أي استخلاص جملة الشروط والخصائص والمقاييس التي تجعل من خطابٍ معيّنٍ خطاباً أدبياً ، وهو ما جعل بعض الدارسين المحدثين يرون بأنّ هدف علم الأدب ليس دراسة الأدب بل دراسة أدبية الأدب ، أي خصوصيته التي لا يمكن أن تتحدّد إلا على أساس الأشكال التي تأخذها العلاقات التي تقوم بين مختلف أجزاء الخطاب ، ذلك أنّ الخطاب الأدبي لا يختص بمضمونٍ محدّدٍ كالخطاب السياسي أو الرياضي مثلا ، فكلّ الموضوعات والمضامين التي تشكِّلها العوالم المعنوية للغةٍ ما بإمكانها أن تشكِّل مادة لمضمون الأدب .
والواقع أنّ الشكلانيين ومن جاء بعدهم من النقاد الذين ساروا على نهجهم رأوا بأنّ الأدب قد ضاع وتوارى في دروب العلوم الإنسانية الأخرى ، بحيث صار النقاد لا يمارسون الأدب بل يمارسون الفلسفة أو علم الاجتماع أو التاريخ أو علم النفس من خلال الأدب ، فكانوا يفسرونه من خلال مادة مضمونه، ولا أدلّ على ذلك من الإسقاطات التي كان النص أو الأثر الأدبي مسرحا لها ، فكان همّ الناقد البحث عن آثار المواقف بل المواقف ذاتها التي عاشها صاحب النص ، وآثار مجتمعه أو بيئته، ومميِّزات الحقبة التي ظهر فيها النص ، إلى غير ذلك من المعلومات التي يكون قد تزوّد بها قبل قراءته للأثر المزمع نقده ، مع أنّ المفروض حسب وجهة النظر الحديثة –البنيوية مثلا – أن نفسِّر هذه الظواهر بالأثر، لا أن نفسره بها ، إذ أنّ النص يشكل عالما قائما بذاته يحمل في طياته ما يفسره ، ويحمل العناصر المكونة لمعناه ، وفي ذلك ما يُغْني الباحث عن الاستعانة بعناصر خارجة عنه . 






0 التعليقات:

إرسال تعليق