وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
السبت، 12 أكتوبر 2013

المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد


أ
- المختصر المفيد في بيان أحكام أضحية العيد

الكاتب:  عبد الحليم توميات

الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين، محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
فهذه بعض أحكام الأضحية التي ينبغي لكلّ مسلم معرفتها تحقيقا للرّكن الثّاني لقبول العمل، ألا وهو متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في عبادة الله وحده.
1- التّعريف بالأضحية.
الأضحية: هي ما يذبح يوم عيد الأضحى من بهيمة الأنعام تقرّبا إلى الله تعالى.
 قال النّووي رحمه الله في " المجموع " (8/382):" قيل سمّيت بذلك لأنّها تُفعل في الضّحى، وهو ارتفاع النّهار".
وقال الحافظ (3/10):" كأنّ تسميتها اشتُقّت من اسم الوقت الذي تشرع فيه ".
ومن هذا التّعريف ندرك:
أنّ ما يُذبح في غير هذا الوقت لا يعتبر أُضحية، إلاّ من عذر.


وأنّ ما يذبح من غير الأنعام لا يُعتبر أُضحية.
وأنّ ما يذبح بغير نيّة التقرّب إلى الله لا يُعتبر أُضحية.
2- هل ورد شيء في فضل الأضحية ؟ 
لم يرد حديث صحيح في فضلها، إلاّ حديث الترمذي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه:
أَنَّ النَّبِيَّ  صلّى الله عليه وسلّم سُئِلَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: (( الْعَجُّ وَالثَّجُّ ))، والثّجّ هو: إراقة الدمّ.
ثمّ إنّ الأُضحية داخلة تحت عموم قوله تعالى:{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }.
ويزداد فضلها ظهورا من خلال الحِكَم العظيمة من مشروعيّتها، من ذلك:
أ‌) التقرّب إلى الله بالذّبح من بهيمة الأنعام.
ب‌) التصدّق على الفقراء والمحتاجين.
ت‌) التودّد إلى الأصدقاء بالهديّة من لحوم الأضاحي.
ث‌) الأكل منها والتّوسعة على النّفس والعيال، قال تعالى:{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }.
وفي صحيح مسلم عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: (( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ: أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ لله تعالى )).
ج‌) إظهار شعائر الله تعالى من صلاة، وتضحية، وإعلاء كلمة الله تعالى بها.
ح‌) ذكر حال أئمّة الهدى من الملّة الحنيفيّة كإبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام وأتباعهما.
خ‌) التشبّه بالحجّاج، والشّوق إلى ما هم فيه من الخير العميم، والأجر العظيم، وقد سنّ الله لنا أن نكبّر كما يكبّرون، فقال:{ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ }.
وشرع لنا ترك الحلق وقصّ الأظافر لمن أراد التّضحية. كلّ ذلك للتشبّه بالحجّاج.
فإذا ثبت للأضحية هذا الفضل، فما حُكْمُ الأضحية.
3- حكم الأضحية.
اختلف العلماء في حكمها على ثلاثة أقوال:
- القول الأوّل: أنّها واجبة على القادر.
وهو قول الإمام أبي حنيفة، ورواية عن مالك وأحمد، والثّوري، والأوزاعي، وربيعة، والليث، وهو الظّاهر للأدلّة التّالية:
1- ما رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ، فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاّنَا )) [حديث حسن].
قال السّندي رحمه الله:" ليس المراد أنّ صحة الصلاة تتوقّف على الأضحية، بل هو عقوبة له بالطّرد عن مجالس الأخيار، وهذا يفيد الوجوب، والله تعالى أعلم ".
2- ما رواه أحمد وأبو داود عن مخنف بن سليم أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ أُضْحِيَةُ كُلَّ عَامٍ)).
[حديث حسن].
القول الثّاني: أنّها فرض كفاية، قال الحافظ:" وفي وجه للشّافعية من فروض الكفاية ".
القول الثّالث: للجمهور أنّها سنّـة مؤكّدة، قال ابن قدامة في "المغني"(9/345):
" روي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وبلال، وأبي مسعود البدري رضي الله عنهم.
وبه قال سويد بن غفلة، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وعطاء، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر " اهـ.
وموقف الجمهور من أدلّة الموجبين ثلاثة مواقف:
1- الموقف الأوّل: منهم من حكم على الحديثين بالضّعف.
2- الموقف الثّاني: منهم من حكم على الحديث الثّاني فحسب بالضّعف.
أمّا الأوّل فحكموا عليه بالوقف على أبي هريرة، كما قال الإمام الطّحاوي والحافظ ابن حجر، وقد عارضه غيره من الصّحابة.
روى البيهقي (9/295) عن حذيفة بن أسيد قال:" رأيت أبا بكر وعمر كانا لا يُضحّيان كراهية أن يُقتدى بهما ".
[قال في "الإرواء" (4/354): وهو صحيح].
وروى أيضا بإسناد صحيح عن أبي مسعود البدري قال:" إنّي لأدع الأضحى وإنّي لموسر، مخافة أن يرى جيراني أنّه حتم عليّ ".
3- الموقف الثّالث: قالوا: إنّها سنّة مؤكّدة وذلك لأجل هذين الأثرين، وتصحيحا للحديثين الواردين.
ونظّروا لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( غُسْلُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ))، وقوله: (( الوِتْرُ حَقٌّ )).
وقاسوا على قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا ))، فكما أنّ أكل البصل والثوم غير محرّم، فالأضحية ليست واجبة.
الجواب عن اعتراض الجمهور:
1- أمّا تضعيفهم فمقابل بتصحيح غيرهم، فقد قال الحاكم عن الحديث الأول:" صحيح على شرط الشّيخين " ووافقه الذّهبي، والصّواب أنّ الحديث حسن، كما في "إرواء الغليل".
2- حتّى لو قيل: إنّه موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه، فليس هناك إجماعٌ من الصّحابة، فتبقى الحجّة قائمةً بالحديثين.
3- أمّا التّنظير على أكل البصل والثّوم فحجّة لمن قال بالوجوب، لأنّ ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، فكما يجب ترك البصل لحضور الجماعة، كذلك يجب العزم على الأضحية لحضور مصلّى العيد.
ثمّ إنّ الأدلّة الخارجيّة قامت على إباحة أكل البصل والثّوم، ولو لم ترد لكان الظّاهر هو تحريمهما لهذا الحديث.
4- هل يستدين الرّجل ليُضَحّي ؟
قال ابن حبيب المالكيّ رحمه الله:" إن وجد الفقير من يُسلفه فليستلف ويشتر بها الاُضحية ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:" إن كان له وفاء فاستدان ما يُضَحّي به فحسنٌ، ولا يجب عليه أن يفعل ذلك ". [" المجموع " (26/305)].
5- هل يُضَحّي الذي عليه دَين ؟
نعم، يجوز ذلك، بشرط أن يكون غيرَ مطالَبٍ بالوفاء عاجلا.
[" مجموع الفتاوى " (26/305)].
6- ماذا على من أراد أن يُضَحّي ؟
- أوّلايجب عليه أن يستحضر النيّة، فلا يُضحّي لأجل التّباهي أمام النّاس، ولا لأجل الأولاد.
فمن العيب أن يقول المضحّي: اللهمّ هذا منك ولك، وهو غير مخلص في قوله ذلك.
- ثانيا: من أراد التّضحية ودخل عليه هلال ذي الحِجَّة حَرُم عليه أن يقلع شيئاً من أظفاره، أو يحلق شيئاً من شعره [شعر رأسه أو إِبِطِه أو عانته].
ودليل ذلك ما رواه مسلم عن أمّ سلمة أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فَإِذَا أُهِلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ )) .
والحكمة في ذلك - والله أعلم - التشبّه بالمُحرِم كما سبقت الإشارة إليه.
7- هل يجوز الاشتراك في الأُضحية ؟
لا يجوز الاشتراك في الأُضحية إن كانت من الضّأن، وإنّما يصحّ الاشتراك في الإبل والبقر.
ذلك لأنّ الأُضحية عبادة وقُربة إلى الله، فلا يجوز وقوعها إلاّ على الوجه الذي شرعه الله زمنا وعددا وكيفية.
قال أهل العلم: يشترك سبعة من البيوت في البقر والإبل؛ للحديث الذي رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: ( نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ).
أمّا الشّاة فلا تُجزئ إلاّ عن بيت واحد للحديث السّابق ذكره: (( إِنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَيْتٍ أُضْحِيَةٌ كُلََّ عَامٍ )).
[معنى أهل بيت واحد: أهل الرّجل الذين هم تحت كفالته ونفقته، ولو كانوا مائة نفس].
8- ما هي شروط الأضحية ؟
يشترط في الأضحية شروط في الجنس، والسنّ، والوصف.
1- أمّا الشّروط التي يجب توفرّها في الجنس: أن تكون من الأنعام، قال تعالى:{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ }.
والأنعام هي: الإبل، والبقر، والغنم. ( والغنم يشمل الضّأن والمعز ).
وأفضلها الغنم، فالبقر، فالإبل [هذا لغير الحاجّ المتمتّع والقارن].
قال النّووي رحمه الله:
" وأجمع العلماء على أنه لا تجزي الضحية بغير الإبل والبقر والغنم, إلاّ ما حكاه ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه قال: تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة، وبالظبي عن واحد، وبه قال داود في بقرة الوحش، والله أعلم "اهـ.
2- أمّا الشّروط التي يجب توفّرها في السنّ: فلا يقبل من الإبل والبقر والماعز إلاّ الثّـني.
لما رواه مسلم عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُواجَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ )).
قال النّووي:" قال العلماء: المسنة هي: الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها، وهذا تصريح بأنّه لا يجوز الجَذَع من غير الضأن في حال من الأحوال، وهذا مجمع عليه على ما نقله القاضي عياض "اهـ.[1]
الثّني من الإبل: هو ما أكمل خمس سنوات، ودخل في السّادسة.
والثّني من البقر والمعز: هو ما أكمل سنتين ودخل في الثّالثة.
أمّا الضّـأن [الكبش والنّعجة] فيجزئ فيها الجَذَع: وهو ما استكمل سنةً على الصّحيح.
وهذا قول أئمّة اللّغة، وجمهور الفقهاء. قال النّووي رحمه الله:
والجذع من الضأن: ما له سنة تامة، هذا هو الأصح عند أصحابنا، وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم. وقيل: ما له ستة أشهر، وقيل: سبعة، وقيل: ثمانية، وقيل: ابن عشرة ..".
[انظر" فتح الباري (10/12)، و" المجموع " للنّووي (13/118)].
نعم، قال بعض أهل العلم: إنّ الضّأن إذا كان أقلّ من سنة، وكان يشبه ابن السّنة التّامّة، فيجزئ إن شاء الله.
3- أمّا الأمور التي ينبغي توفّرها في الوصف: فهي تدور بين الاستحباب والوجوب.
فنذكر ما هو على سبيل الأفضليّة، ثمّ العيوب التي تردّ بها الأضحية.
9- ما أفضل الأضاحي ؟
- أفضل الأضاحي الضّأن ( والكبش أفضل من النّعجة ).
ويستحبّ أن يكون سمينا عظيما
قال الله عزّ وجلّ:{ وَمَن يُعَظِّم شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقوَى القُلُوبِ }، قال ابن عبّاس رضي الله عنه:" تعظيمها: استسمانها واستحسانها ".
لذلك قالت عائشة:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ ".
أقرنين :لهما قرون.
أملحين: الأملح هو الأبيض الذي يخالطه سواد في عينيه وسواد في قوائمه.
وفي صحيح البخاري عن أَبِي أُمَامَةَ بن سهل-وهو غير أبي أمامة المعروف - قَالَ:" كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ ".
10- ما هي العيوب التي تردّ بها الأضحية ؟
لا تجزئ التّضحية بالعوراء الواضح عَوَرُها، ولا العمياء، ولا العرجاء الواضح عرجها، ولا المريضة الواضح مرضها، ولا المكسور عظمها.
والأحاديث الصّحيحة كثيرة في بيان ذلك، ومن أشهرها:
ما رواه الإمام مالك في " الموطأ " عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنََّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم سُئِلَ: مَاذَا يُـتَّقَى مِنْ الضَّحَايَا ؟ فأشار بيده وقال: ((أَرْبَعًاالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي ))[2].
ويلحق بـهذه الأربع ما كان مثلها أو أولى منها بعدم الإجزاء، فلا يُضَحَّى بها وهي:
العمياء.
والمبشومة - وهي التي انتفخ بطنها ولم تستطع إخراج ما في بطنها ( حتى تُـثْـلِط ) أي: حتّى تخرج فضلاتها.
تنبيهات:
1- غير هذه العيوب كالمقطوعة الأُذُن، ومشقوقة الأُذن طولا، الّتي لم يَرِد ذكرُها في هذا الحديث عدّه العلماء عيبا مخلاّ بشروط الكمال، لا بشروط الصحّة، والله أعلم.
2- قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( البيّن ) دليل على أنّه يُعفى عن اليسير من العيوب.
3لا يضرّ أن تكون الأُضحية مكسورة القرن، فقد روى التّرمذي أنّ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه سُئِلَ عن ذلك فقال:" لاَ يَضُرُّكَ".
4- لا يضرّ أن يكون الكبش موجوءاً، أي: منـزوع الخصيتين، فقد ( ضَحَّى النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم بِكَبْشَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ ).
[رواه ابن ماجه بسند صحيح عن عائشة].
5- لا يجوز المبالغة في تـتبّع العيوب، بل يُقتصر على ما ذكرته النّصوص.
11- ما حكم الأُضحية التي لحقها عيب بعد شرائها ؟
روى الإمام البيهقي بسند صحيح أنّ عبد الله بن الزّبير سئل عن ناقة عوراء فقال: " إن كان أصابها بعد ما اشتريتموها فامضوها، وإن كان أصابها قبل فابدلوها ".
وهو قول عطاء، والإمام مالك، وغيرهم.
12- ما حكم بيع شيء من الأُضحية ؟
اعلم أنّه يحرُم على المسلم أن يبيع شيئا من أُضحيته، وهو مذهب عطاء، والنّخعي، والإمام مالك، وإسحاق، والشّافعيّة.
ويدلّ على ذلك أمران:
- الأوّل: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَتِهِ فَلاَ أُضْحِيَةَ لَهُ )).
[رواه الحاكم وقال:" صحيح الإسناد "].
- الثّاني: أنّه يحرم إعطاء شيء من الأُضحية أُجرةً للجزّار الّذي يُسْتأجر للذّبح، بل يُعطَى أُجرته مالاً، ثمّ يُعطى منها هديّة.
فقد روى الشّيخان عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال:" أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنْ لاَ أُعْطِيَ الجَازِرَ مِنْهَا شَيْئاً ".
فإذا لم يجز إعطاء الجازر أجرته منها، فلا يجوز بيعها من باب أولى.
13- ما هي آداب الذّبـح ؟
1اختيار آلة حادّة، حتّى لا يُعذّب الحيوان: فإنّ الله قال:{ وَأَحسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ }.
وفي الحديث الّذي رواه مسلم عن شدّاد بن أوس رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:
(( إِنَّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلِْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلِْيُرحْ ذَبِيحَـتَـهُ )).
2من الرّفق بالحيوان أن لا يشحذ السّكين أمام الأُضحية، ولا يذبحها بحضرة أضحية أخرى، ولا يجرّها بعنف للذّبح.
فقد " مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِرَجُلٍ يَشْحَذُ سِكِّينَهُ أَمَامَ الأُضْحِيَةِ، فَقَالَ: (( أَفَلاَ قَبْلَ هَذَا ؟ أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَـَتيْنِ، هَلاَّحَدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا ؟)).
3- وتوضع الأُضحية على جانبها الأيسر، ويضع الذّابح قدمه اليمنى على جانبها الأيمن.
4يوجّه وجه الأُضحية إلى القبلة، كما يشير إليه حديث جابر رضي الله عنه عند أبي داود حين قال:" كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَاأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ ذَبِيحَتَهُ وَجَّهَهَا ..." أي: إلى القبلة.
5ذكر اسم الله:
فيقول عند الذّبح :" بسم الله، والله أكبر، اللهمّ هذا منك ولك، اللهمّ تقبّل منّي ".
وقد اختلف العلماء اختلافا كبيرا في حكم من ترك التّسمية على خمسة أقوال، لذلك على المسلم أن يُراعي ذكرَ اسم الله خروجا من خلاف العلماء.
6- ولا يجوز أن يشرع في سلخها وكسر عظمها قبل خروج روحها، قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:
" لاَ تَعْجَلُوا الأَنْفُسَ حَتَّى تُزْهَقَ " [انظر " فتح الباري "(9/526)].
7لا بدّ من مراعاة وقت الذّبح: وهو بعد صلاة العيد يوم الأضحى إلى آخر يوم من أيّام التشريق.
وأيّام التشريق: ثلاثة بعد يوم العيد، فتكون أيّام الذّبح أربعة، ويجزئ الذّبح ليلا، والذبح في النهار أفضل، وأفضله يوم العيد، ثم ما بعده على التّوالي.
ولا تصحّ الأضحية قبل وقتها، ولا تصحّ أيضا بعده، إلاّ من عذر.
ومن ذبح قبل الصّلاة فعليه الإعادة، لما رواه البخاري ومسلم عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
(( إِنَّ أَوَّلَ قَالَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَاأَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنْ النُّسْكِ فِي شَيْء ٍ)).
8ومن السنّة أن لا يأكل المضحي شيئا يوم النحر حتى يضحي فيأكل من أضحيته ، فقد روى الدّارمي عن أَبِي موسى الأشعريّ رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يفعل.
14- كيف تُقسَم الأُضحية ؟
جاء في صحيح مسلم عن سلمةَ بنِ الأكْوَع رضي الله عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَادَّخِرُوا )).
وفي رواية أبي داود: (( وَاتَّجِرُوا )) أي:اطلبوا الأجر.
من أجل ذلك استحبّ العلماء أن تقسّم الاضحية ثلاثة أثلاث: ثلث يأكل منه أهل البيت، وثلث يُتَصدّق به، وثلث يطعم به الأضياف والجيران.
بشرى.
من لم يستطع الأُضحية لفقر أو عجز، فلا يحزن، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ضحّى عمّن لم يضحّ من أمّته ممّن شهد لله تعالى بالتّوحيد، ولنبيّه صلّى الله عليه وسلّمبالتّبليغ.
هذا آخر ما ويرضاه].


تم النشر قبل  أردنا بيانه من أحكام الأضحية، وتقبّل الله من الجميع.
[انظر تفصيل هذه الأحكام في الرّسالة النافعة:" أحكام الأضحية " للشّيخ أبي سعيد بلعيد حفظه الله، ووفّقه لما يحبّه
  
2.     

بين النفس والروح

الروح جسم نوراني علوي خفيف حي لذاته متحرك ينفذ في الأعضاء ويسري فيها، والروح خلق من أمر الله (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) الإسراء/ 85، فلا يستطيع البشر التعرف على ماهيتها وكنهها وحقيقتها، لأنها ليست من جنس العالم المشهود، ولذلك لا يستطيعون إدخالها معامل التحليل، ولا يستطيعون وضعها تحت المجهر، ولكنهم يرون آثارها عندما تكون في الجسد، ويحسون آثار مفارقتها للجسد.إن الفقه والعقل والاستماع والإبصار والحركة الإرادية لا تتحقق إلا بالروح فإذا نزعت الروح بطل ذلك كله، وقد خلق الله آدم جسداً، ولكنه لم ينتفع بما خلقه الله فيه من سمع وبصر.. إلا بعد نفخ الروح فيه، (ثم سواه ونفخ فيه من روحه) السجدة/ 9، (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) الحجر/ 29. وفي يوم القيامة عندما تعود الأرواح إلى الأجساد بعد النفخ في الصور يقوم الناس أحياء يبصرون (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) الزمر/ 68. الذي وجّه سلفنا الصالح هذه الوجهة نصوص الكتاب والسنة، فقد جاءت النصوص دالة على أن الروح تنفخ في الجنين، كما جاءت مخبرة إلى أنها تقبض وتنزع، فقد حدثنا الله أنه وكل بعض ملائكته بقبض أرواح العباد (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) السجدة/ 11، ووصف لنا القرآن حالة الاحتضار والملائكة تنزع أرواح العباد (فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون * فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين) الواقعة/ 83-87. ( (فلولا إذا بلغت الحلقوم) الواقعة/ 83، أي فهلا إذا بلغت النفس أو الروح الحلقوم، ولم يتقدم لها ذكر، ولكن المعنى معروف). وقد وصف القرآن في آية أخرى هذه الحالة، فقال: (إذا بلغت التراقي * وقيل مَن راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق) القيامة/ 26-30. ( (إذا بلغت التراقي) أي بلغت النفس أو الروح التراقي، والتراقي جمع ترقوه، وهي العظام المكتنفة لنقرة النحر، وهي مقدم الحلق من أعلى الصدر، موضع الحشرجة).وحدثنا القرآن في موضع ثالث عن نزع الملائكة لأرواح الظالمين، (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون) الأنعام/ 93.واستدل ابن تيمية على أن الروح المفارقة للبدن شيء آخر غير البدن وغير الحياة القائمة بالبدن بأدلة كثيرة، ومن ذلك الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم، والذي يقول الرسول (ص) فيه لأصحابه لما ناموا عن الصلاة: (إن الله قبض أرواحكم حيث شاء وردها حيث شاء)، ويقول بلال لرسول الله (ص): (يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك وأورد قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى) الزمر/ 42).وأورد الحديث الذي ثبت في الصحيحين عن النبي (ص) أنه كان يقول إذا نام: (باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها وارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)، واستدل أيضاً بما ثبت في صحيح البخاري: (إن الشهداء جعل الله أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في رياض الجنة ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش).واستدل أيضاً بما ثبت بأسانيد صحيحة: (أن الإنسان إذا قبضت روحه فتقول الملائكة: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي راضية مرضياً عنه، ويقال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت تسكن في الجسد الخبيث، اخرجي ساخطة مسخوطاً عليك) وأورد الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره: (إن الروح إذا قبض تبعه البصر). وقد عقب على هذه النصوص قائلاً: (فقد سمى المقبوض وقت النوم روحاً ونفساً، وسمي المعروج به إلى السماء روحاً ونفساً، لكن تسمى نفساً باعتبار تدربيه للبدن، وتسمى روحاً باعتبار لطفه، فإن لفظ (الروح) يقتضي اللطف). وبين الشيخ ابن تيمية أن الروح والنفس يعبر بهما عن عدة معان غير المعنى الذي سبق ذكره، (فيراد بالروح الهواء الخارج من البدن والهواء الداخل فيه، ويراد بالروح البخار الخارج من تجويف القلب من سويداه الساري في العروق، وهو الذي تسميه الأطباء في عصره بالروح، فهذان المعنيان غير الروح التي تفارق بالموت التي هي نفسه، وبين الشيخ أنه قد يراد بنفس الشيء ذاته وعينه، وهذا كثير في كتاب الله كقوله تعالى: (قوا أنفسكم وأهليكم ناراً) التحريم/ 6، وقوله: (كتب على نفسه الرحمة) الأنعام/ 12، وهذا غير معنى النفس الذي هو بمعنى الروح). إن النفوس ثلاثة: النفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة، والنفس المطمئنة، وبين أن هذه صفات وأحوال لذات واحدة، فالنفس الإنسانية نفس واحدة، فإذا غلب عليها إتباع الهوى بفعل المعاصي فهي الأمارة بالسوء، وإذا كانت تذنب فتلوم صاحبها حتى يتوب فهي اللوامة، فإذا كانت محبة للخير مبغضة للشر بحيث أصبح ذلك خلقاً وسجية لها فهي المطمئنة. ربما تبين لك أخي القارئ ما هو الفرق بين الروح والنفس ،إن الروح التي هي النفس لها تعلق بالقلب والدماغ، الطبيب الاختصاصي النفسي : فهو ذلك الشخص الذي تخرج من الثانوية العامة – القسم الأدبي عادة – ثم التحق بقسم علم النفس في إحدى الكليات النظرية ( التربية أو الآداب عادة ) حيث يدرس فيها ويتلقى تدريبه لمدة أربع سنوات ، يحصل بعدها على بكالوريوس علم النفس ، ثم يتجه بعد ذلك للعمل في أحد المستشفيات العامة أو النفسية . ويتمركز عمل الاختصاص النفسي في عمل المقاييس النفسية ، واختبارات الذكاء ، وكذلك عمل بعض الجلسات العلاجية كالعلاج المعرفي ، والعلاج السلوكي ، والعلاج المساند . أما بالنسبة لي فإن الأدوية النفسية هي أدوية مهدئة فقط وليست علاجية ، استعمالك للدواء النفسي دليل واضح على ضعف الإيمان ، لذلك حاول أن تترك هذا الدواء وتعود إلى ربك ، الطب النفسي هو الطب الروحاني وهو يتعامل مع الظاهرات الغريبة مثل الإصابة بالعين والسحر والحسد والجان ، ويرتكز الطب الروحاني على العلاج بالقرآن الكريم ، فلا شك ولا ريب أنَّ العلاج بالقرآن الكريم وبما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الرقى هو علاج نافع وشفاء تامٌ { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } [فصلت: 44]، {و ننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء: 82] ومن هنا لبيان الجنس، فإِنَّ القرآن كله شفاءٌ كما في الآية المتقدمة {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين } [يونس: 57]. فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كلُّ أحدٍ يُوهَّل ولا يُوفَّق للاستشفاء بالقرآن، وإِذا أحسن العليل التَّداوي به وعالج به مرضهُ بصدقٍ وإِيمانٍ، وقبولٍ تامٍ، واعتقاد جازمٍ، واستيفاء شروطه، لم يُقاومه الداءُ أبداً. وكيف تُقاوم الأدواء كلام ربِّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرضٍ من أمراض القلوب والأبدان إِلا وفي القرآن سبيل الدلالة على علاجه، وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهماً لكتابه. والله عزَّ وجلَّ قد ذكر في القرآن أمراض القلوب والأبدان، وطبَّ القلوب والأبدان. لهذا ومن أجله فإنني أتوجه إلى كافة الشعوب بالتداوي بالقرآن الكريم 


تم النشر قبل 2 days ago بواسطة saad boulaoued
  
3.     

المتقاعدون الجدد


التقاعد مصير حتمي لمن يطيل الله عمره وظيفياً
الكثير منا ليس كيــّساً ولا يعمل لما بعد خروجه من باب مكتبه مع ورقة طلاقه
وبلمحه سريعة للمتقاعدين حالياً
نجد أنهم ينقسمون لعدة أقسام فبعضهم لازال يعتقد أنه على رأس العمل ويوجع (روسنا) من كثرة حديثه عن عمله السابق وقصصه وبطولاته
وبعضهم اختلف 180 درجة لدرجة أنك تظن بأنه لم يكن موظفاً يوماً فقد انقلب (صبيح جني) وأصبح عبئاً على نفسه وعلى أهل بيته
وعلى الناس
وبعضهم انكفأ على نفسه وأصبح يائساً كمن ينتظر الموت ولم يعد يرغب في الخروج مع أحد أو استقبال أحد
الأعراض أكثر من ذلك بالطبع
وأعتقد بأن المدنيين أقل تأثراً من العسكريين بسبب أن المدني يعرف يوم تقاعده منذ دخوله الوظيفة
أما العسكري فيأتيه التقاعد كالموت بلا سابق إنذار
وبالنسبة للمدرسين فهم لايتأثرون على الإطلاق فهم متقاعدون بطبيعتهم ولا يعد ذهابهم للمدرسة إلا عبئاً عليهم فهم يفرحون بمفارقته
الكلام عن المتقاعدين هو (حكي) في الماضي ولا طائل من مناقشته
النقاش الآن عن الثلة التي تنتظر التقاعد قريباً ماذا يمكن أن نقدم لهم من نصيحة ؟؟؟
تم النشر قبل 2 days ago بواسطة saad boulaoued
  
4.     

 







0 التعليقات:

إرسال تعليق