وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الجمعة، 6 يناير 2012

من أفضل ما قيل في الرّثاء


من أفضل ما قيل في الرّثاء
للمتنبي ( أحمد بن الحسين )
نُعِدُّ المَشرَفِيَّةَ وَالعَوالي *** وَتَقتُلُنا المَنونُ بِلا قِتالِ
 وَنَرتَبِطُ السَوابِقَ مُقرَباتٍ *** وَما يُنجينَ مِن خَبَبِ اللَيالي
 وَمَن لَم يَعشَقِ الدُنيا قَديمًا *** وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ
نَصيبُكَ في حَياتِكَ مِن حَبيبٍ *** نَصيبُكَ في مَنامِكَ مِن خَيالِ
 رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى *** فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ
 فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ *** تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ
 وَهانَ فَما أُبالي بِالرَزايا *** لِأَنّي ما اِنتَفَعتُ بِأَن أُبالي
 وَهَذا أَوَّلُ الناعينَ طُرًّا *** لِأَوَّلِ مَيتَةٍ في ذا الجَلالِ
 كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ *** وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ
 صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ *** عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ
 عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَونًا *** وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
 فَإِنَّ لَهُ بِبَطنِ الأَرضِ شَخصًا *** جَديدًا ذِكرُناهُ وَهُوَ بالي
 وَما أَحَدٌ يُخَلَّدُ في البَرايا *** بَلِ الدُنيا تَؤولُ إِلى زَوالِ
 أَطابَ النَفسَ أَنَّكِ مُتِّ مَوتًا *** تَمَنَّتهُ البَواقي وَالخَوالي
 وَزُلتِ وَلَم تَرَيْ يَومًا كَريهًا *** تُسَرُّ الروحُ فيهِ بِالزَوالِ
 رِواقُ العِزِّ حَولَكِ مُسبَطِرٌّ ***وَمُلكُ عَلِيٍّ اِبنِكِ في كَمالِ
 سَقى مَثواكَ غادٍ في الغَوادي *** نَظيرُ نَوالِ كَفِّكِ في النَوالِ
 لِساحيهِ عَلى الأَجداثِ حَفشٌ *** كَأَيدي الخَيلِ أَبصَرَتِ المَخالي
 أُسائِلُ عَنكِ بَعدَكِ كُلَّ مَجدٍ *** وَما عَهدي بِمَجدٍ عَنكِ خالي
يَمُرُّ بِقَبرِكِ العافي فَيَبكي *** وَيَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السُؤالِ
 وَما أَهداكِ لِلجَدوى عَلَيهِ *** لَوَ انَّكِ تَقدِرينَ عَلى فَعالِ
 بِعَيشِكِ هَل سَلَوتِ فَإِنَّ قَلبي *** وَإِن جانَبتُ أَرضَكِ غَيرُ سالي
 نَزَلتِ عَلى الكَراهَةِ في مَكانٍ *** بَعُدتِ عَنِ النُعامى وَالشَمالِ
 تُحَجَّبُ عَنكِ رائِحَةُ الخُزامى *** وَتُمنَعُ مِنكِ أَنداءُ الطِلالِ
 بِدارٍ كُلُّ ساكِنِها غَريبٌ *** طَويلُ الهَجرِ مُنبَتُّ الحِبالِ
 حَصانٌ مِثلُ ماءِ المُزنِ فيهِ *** كَتومُ السِرِّ صادِقَةُ المَقالِ
 يُعَلِّلُها نِطاسِيُّ الشَكايا *** وَواحِدُها نِطاسِيُّ المَعالي
 إِذا وَصَفوا لَهُ داءً بِثَغرٍ *** سَقاهُ أَسِنَّةَ الأَسلِ الطِوالِ
 وَلَيسَت كَالإِناثِ وَلا اللَواتي *** تُعَدُّ لَها القُبورُ مِنَ الحِجالِ
 وَلا مَن في جَنازَتِها تِجارٌ *** يَكونُ وَداعُها نَفضَ النِعالِ
 مَشى الأُمَراءُ حَولَيها حُفاةً *** كَأَنَّ المَروَ مِن زِفِّ الرِئالِ
 وَأَبرَزَتِ الخُدورُ مُخَبَّآتٍ *** يَضَعنَ النِّقْسَ أَمكِنَةَ الغَوالي
 أَتَتهُنَّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ *** فَدَمعُ الحُزنِ في دَمعِ الدَلالِ
وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدْنا *** لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ
 وَما التَأنيثُ لاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ *** وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ
 وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا *** قُبَيلَ الفَقدِ مَفقودَ المِثالِ
 يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضًا وَتَمشي *** أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي
 وَكَم عَينٍ مُقَبَّلَةِ النَواحي *** كَحيلٍ بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ
 وَمُغضٍ كانَ لا يُغضي لِخَطْبٍ *** وَبالٍ كانَ يُفكِرُ في الهُزالِ
 أَسَيفَ الدَولَةِ اِستَنجِد بِصَبرٍ *** وَكَيفَ بِمِثلِ صَبرِكَ لِلجِبالِ
 فَأَنتَ تُعَلِّمُ الناسَ التَعَزّي *** وَخَوضَ المَوتِ في الحَربِ السِجالِ
 وَحالاتُ الزَمانِ عَلَيكَ شَتّى *** وَحالُكَ واحِدٌ في كُلِّ حالِ
 فَلا غيضَت بِحارُكَ يا جَمومًا *** عَلى عَلَلِ الغَرائِبِ وَالدِّخالِ
 رَأَيتُكَ في الَّذينَ أَرى مُلوكًا*** كَأَنَّكَ مُستَقيمٌ في مُحالِ
فَإِن تَفُقِ الأَنامَ وَأَنتَ مِنهُمْ ***فَإِنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزالِ







      

0 التعليقات:

إرسال تعليق