بطاقة سفر ... الأستاذ عبد المجيد برزاني كان أحمد من الأطفال الأكثر نشاطا في مجلة علمية تصدر كل شهر، مقرها في مدينة بعيدة عن قريته. يواظب أحمد على كتابة مواضيع شيقة، ويشارك في حل المسائل الرياضية، ولا يصدر عدد إلا وله فيه أكثر من مشاركة. كاد أحمد يطير فرحا عندما توصل برسالة من إدارة المجلة تخبره أنه فاز بجائزة قيمة، عبارة عن قضاء خمسة عشر يوما من العطلة الصيفية المقبلة في منتجع جميل بجبال سويسرا. قرأ أحمد الرسالة عدة مرات غير مصدق عينيه، وأخذ يبحث في خريطة الكرة الأرضية عن مكان سويسرا وعن حدودها وجبالها ولغاتها مردّدا : سويسرا ؟؟ ياللمفاجأة!! ما كان ليخطر ببالي شيء كهذا، سويسرا؟؟ وأنا الذي لم تتعدّ أحلامي الصيفية دارَ جدّي في البادية، أنظّم سباقات الحمير وأطارد العنزات لإعادتها إلى البيت أو لحلبها، أو أجلب الحطب لجدتي من الغابة المجاورة. وإذا ما اشتد القيظ، تكون مرتبة جدي مأواي، وكتبه الكبيرة ذات الأوراق الصفراء، خير أنيس لي في تلك الوحدة وذلك الحر، لأن جدتي كانت تحرمني مرافقة أقراني إلى الترع والجداول وقنوات السقي للغطس والاستمتاع ببرودة الماء. جبال سويسرا؟؟ يا إلهي! وماذا يمكنني أن أفعل في الجبال ؟؟ لابد أن هناك وعولا أكبر من تيوس جدي، وخيول قوية سريعة الركض، وجداول تجري باردة من ذوبان الثلج. راح أحمد يحسب كم يفصله عن بداية العطلة الصيفية، ويعدّ العدّة للسفر، ذهب رفقة والده إلى مكتب البريد حيث تسلم بطاقة السفر بالطائرة، وحددت له إدارة المجلة ساعة ويوم السفر. ثم جاء اليوم الموعود، سافر أحمد إلى المدينة، ودخل المطار لأول مرة في حياته. أودع حقيبته في المستودع واستقل الطائرة، وما هي إلا لحظات حتى كان ذلك الوحش الحديدي الكبير يخترق به السحاب في الجو. كان مبتهجا بمنظر الغيوم، مسرورا بزرقة السماء الصافية عندما سمع فرقعة كبيرة وصراخا، في حين ابتدأت الطائرة سقوطا حرا سريعا، كانت تهوي وتهوي وتهوي إلى أن سقط أحمد بجانب سريره، واستيقظ على صوت أمه : - قم يا بني توضأ وَصَلِّ مع أبيك الفجر، لتذهبا إلى السوق. - نعم...؟؟؟ ... السوق؟؟؟... الحمد لله أنه ليس سويسرا.. - سويس..إيه؟؟ باسم الله الرحمن الرحيم!! قم يا بْني الوقت فات. |
الخميس، 22 نوفمبر 2012
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق