وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الخميس، 7 فبراير 2013

مُسْتَقَبَلُ الأجْيَالُ..وَهَذَا الضَّميرُالْمَعْطُوبُ..

مُسْتَقَبَلُ الأجْيَالُ..وَهَذَا الضَّميرُالْمَعْطُوبُ..
.! بقلم : محمد الصغير داسه



-إن وزارة التربية مطالبة بخطة إستعجاليّة لانقاذ القطاع تكمن في مُخاطبة المربين ممن يشغلهم الواجب على التحُرك بحزم، وتعمل على تشجيع المبادرات المحليَّة، ولابد من تطهير القطاع من بعض الشوائب والطفيليات وهذا قبل الشروع في ترميم ماتصدع
إذا لم تخش عاقبة الليالي* ولم تستح فا فعل ماتشاء
1- والضمير: هو ذلك الرقيب ذِي الصّوت الخفيّ، أو مايسمى بالوجدان، وهوالقدرة على التمييزبين ماهو حق وماهو باطل، بين ماهو خطأ وماهو صواب، إنه إسم معنوى أطلقه العلماءعلى من يُقدِم على عمل خطأ ثم يتراجع ويشعُر بالنَّدم وهذاعندما تتعارض أفعاله مع قِيمَةٍ أخلاقيّة أواجتماعيّة أومهنيّة، وأصحاب الضمائر المعطوبة للأسف كثرٌهذه الأيام، وهم لايتراجعون عن أخطائهم ولايندَمُون، وإنَّما يتمادون في إفسادهم وآثمهم، وهذا يعتبر عاملا من عوامل الانحراف.وفي المجتمعات المتخلفة عادة ما نلاحظ ضُمورًا في الضمائروخُفوتا بل موتا. وغيَّاب الضمير أو موته يشكل هاجشًا رهيبًا وعائقا في التنميَّة وفي تطور الأمم، فالكثير من ذوي النفوس الضعيفة يُبدي الصدق والعدل والوفاء، ويستبطنُ الغدر والكذب والنفاق، هم أصناف من ذوي الأرواح الشريرة الذين يُقومون على هذا السلوك الأرْعن، لايُفرقون بين الخطأ والصواب بين الحق والباطل يفسدون في الأرض ولايصلحون، و نطلق عليهم معدومي الضمائر أو أصحاب الضمائر المعطوبة، أولئك الذين يتظاهرون بالاخلاص في أداء الواجب وهم مُقصرون، نجدهذه الفِئة تتكاثرُ ويطفحُ كيْلُها في الوسط التربوي بشكل لافتٍ وغريبٍ، وقد نتساءل لماذا في الوسط التربوي؟وٌقبل أن أجيب أستسمح الأبطال الحققيين رجال التربية الفاعلين في الميدان والذين يعملون في صمت وما أحوجنا إلى تكريمهم والإشادة بصمودهم، ولأنَّ العمل التربوي عمل إنساني راق يستوجب الاخلاص والصبر، فإن الانهزاميين الذين توافدوإلى التعليم والذين جاؤوا تحت ضغط الأوضاع الاجتماعية وهم عابروا سبيل، أساؤوا إلى المهنة وألحقُوا بها الضررفي غيَّاب الجديَّة والصَّرامة، ولأنّ المُجتمعات المتخلفة عندهم كل شيئ مباح، فإنّ أشباه المثقفين يتوهَّمون أنهم يعلمون وهم يجهلون أنهم يجهلون وتلكم هيَّ المصيبة، ولأنَّ هذاالبعض من المنتسبين إلى القطاع التربوي عقولهم في إجازة دائمة.
2- إن مهنة التربيّة من المهن الحسّاسة التي تحتاج إلى صبر وإخلاص وحب ورجال ِأوفياء، وإلى ضمير مهني يقظ، وإعداد جيّد يُحصن المعلم من الارتجالية ، ومتابعة جيدة واعيَّة تزرع فيه المثل والقيَّم الفاضلة والأخلاق الطيبة، والخوف من الله، وتوجيهات مسؤولة تجعل النجاح نصب عينيه ولاتتركه يتخبطُ لوحده في متاهات الفشل، يبتلع الوجع فيصاب بالضمور والإعياء، رجل التربية مُؤتمن على تربية وإعداد الأجيال رجال الغد وليس موظفا بسيطًا كما يعتقد الكثيرويتوهم، المربي صاحب رسالة مسؤول بالدرجة الأولى على صناعة الرجال وإعدادهم الاعداد الأمثل للحياة وبها، وكل تقصيرٍ أوتوَانٍ يتحمّل وزره ووزرمن أخطأ في حقهم. أبناؤنا فلذات الأكباد نضعهم أمانة في أعناق المربين الذين إختارُوا مهنة التربيّة عن رضى وقناعة وتوسّمُوا في أنفسهم القدرة على أداء الرسالة، ولأن ثقة المجتمع فيهم كبيرة، ولأن مستقبل الأجيال بين أيديهم عِبئًا ثقيلا وأمانة صعب تحملها؛ ما نسمعه هذه الأيام ونعيشه وتتغذى عليه المجالس وتعجُّ بأخباره الجرائد والمواقع شيئٌ مُخجل ومُخجل إلى أبعد الحدود، بل هوسلوك يشيب من هوله الرأس، ليس عدم كفاءة المدرس وتكوينه هو السبب بل عدم الاخلاص في أداءِ الواجب مع المطالبة بالحقوق، هذا يحدثُ من المثقفين الذين نعتقدُ أنَّهم وصلوا مرحلة من النُّضج المعرفي والأخلاقي، وهم ممن يُشكلون طلائع التنوير وصناعة الوعي في المجتمع.

3- وإذا كان المهْتمُون بالشأن التربوي يُجمعون على فشل إصلاحات {بن بوزيد} والنتائج شاخصة. فإنه آن الأوان العمَل بصدق على تدارك الوضع وإنقاذ المنظومة من الانهيار لآقدر الله، ولعل أوّل شيئ نبحث عنه تدني الأداء لدى جميع الأطراف وبدُون إستثناء، وإنَّ إتهام البعض لم يعد له معنى، مادام كل الأطراف مُعنيون بفشل المنظومة التربوية، ولكل فئة قسطها من المسؤوليّة في تردّي أوضاع التربيّة، ولوجمعنا كل النقائص ورتبناها لوجدنا غياب الضمير المهني يحتل المرتبة الأولى، فانعدام الضمير المهني والحسّ الوطني والتقصير في أداء الواجب سببٌ رئيس، فتأخرات الأساتذة وتغيباتهم وعدم اهتمامهم بإعداد الدروس، وتعمدهم إهمال أعمال التلاميذ أمر مُخجلٌ، واذا كان الضمير هو السلطة الحقيقيّة التي تحْكم عمل وأداء المربين إدارة وتأطيرًا وإشرافًا.. فإنَّ جميع عمال القطاع مُتفقون على فشل الأداء، والاستسلام أمام وضعية مُحرجة توصف بالكارثيّة، واعتبارذلك قدَرًا لامفرّ منه، ليعفي كل واحد نفسه من المسؤولية وهو طرف فيها { لمثل هذا يذوبُ القلب كمدًا*إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانٌ} فبدلا من البحث عن حلول للأزمة التربويّة من رجالهاراح الكل يعمل على تكييف الفشل بطريقته والمُساهمة في تغييب الضمير المهني بل وفي تكريس الرداءة، فبات الذي يعمل موضوع تندر وسخرية وأنه يُحلق خارج السِّرب وطلب إليه { دِير كما دار جارك والا حول باب دارك} ولا أحد يجتهد على المستوى المحلي في ترميم ماتصدَّع، الكل ينتظر حلولا فوقيَّة، وليتها كانت مُفيدة، فالأمر يتعلق بالمُدرس نفسه.
والمُدَرس أصابه الوهن، وفقد حلاوة العمل، ولم يعد لهم وجود فاعل{ إذا أحبَّ الله عبدًا جعل شواغله أكثرَ من وقته}وبعض المديرين-أقول البعض- صاروا معاويلَ لهدْم الكيَّان التربوي بحكمهم على نهاية الضمير المهني، وقد قال العرب: من كافأ الناس بالمكر كافئوه بالغدر.


4-إن وزارة التربية مطالبة بخطة إستعجاليّة لانقاذ القطاع تكمن في مُخاطبة المربين ممن يشغلهم الواجب على التحُرك بحزم، وتعمل على تشجيع المبادرات المحليَّة، ولابد من تطهير القطاع من بعض الشوائب والطفيليات وهذا قبل الشروع في ترميم ماتصدع،إذ العامل البشري بات هو العقبة الكأداء في أيِّ إصلاح نرُومه، وأعتقدُ أن الحلول متوفرة وعلى بعد أذرُع من المسؤولين ويمكن القول أن: أ- القطاع في حاجة إلى تفتيشيَّة عامة مُؤهلة قادرة على التغيير وتملك أدوات العمل والحسم، وقدرة على الاستشراف، ومن بين هذه الأدوات المستوى العلمي الرفيع، والقدرة على تكييف المناهج وتبسيط الطرائق والأساليب، وليس إستعراض العضلات وقد قال إبن حزم:{إن إعوجاج اللسان علامة على إعوجاج الحال} أجل..في الساحةالتربوية لاوجود لاشراف تربويِّ فاعل، وتأطير مُساهم مُبدعٍ، وخطاب قوي مُقنعٍ، وعناصر جادةٍ واعيَّة مُقتنعة مسؤولةٍ تملك أدوات الاقناع وإنتناج الحلول{ماقيمة الانسان معتقدًا إن لم يقل للناس مااعتقد} . ب- إعادة النظر في تكوين المدير وتأهيله بحيث يكون واثقًا من نفسه ومن إمكاناته العلميّة والتربويّة ومن طرق وأساليب التسيير، مدير يُحوِّل المدرسة الى خلية نحل وليس حارسًا، وإن إنحطاط ثقافة المدرسين كانت سببًا في إنحطاط تحصيل التلاميذ وللأسف صارت بعض المدارس مقابر لدفن الفكر وقتل النشاط، وإبادةالطموح. ج- ولايمكن أن نترك المُدرِّس بدون تكوين، وتجربة التكوين في الميدان فاشلة،لأن التأطير فيها فاشل، حضور للتيئيس وقتل فسحة الأمل، ولابدَّ من تكوين المدرسين في معاهد للتربية، وبتأطيرأكاديمي جيِّد وخبرة ناضجة، ولافائدة ترجى من الفترات التكوينية السريعة التي يغيب فيها الاهتمام والانضباط والانتظام والوعي بالأهداف وتَحْضُر فيها المثبطات وعوامل الاحباط { وكيف أخاطب من ينكر لغة التخاط}. د- إنتقاء المربي من بين العناصر التي تتوفر فيها شروط التربية،الكفاءة وقوّة الشخصيّة والاستقامة والهدُوء، والسلوك الجيد، ومعرفة الطفل والقدرة على التعامل معه بلطف ولامفر من تطهير القطاع من المفسدين الذين تشغلهم الشواغل. ه- ولامفرة من حماية المدرسة من تدخل الشارع في أعمالها، فالسرُّ المهني واجبٌ وأسرار المدرسة أكثر من الواجب وليس عندنا مانخفيه ولكن من أجل حِماية المربي وجعله سيدًا مُحترمًا مهاباً في عَرينه.



5- وإن الذين يؤجِّجون موجات الاحتجاجات في القطاع التربوي ليس لهم وُجودُ فيه، هم يُمارسون السيّاسة والتجارة ويلعبون على مشاعر المربين بأنهم يدافعون على مصالحهم، والمعلم فوق السيّاسة مهما كانت الدواعي والظروف، ولماذا لايكون للمدرس تمثيل من داخل المُؤسسة، واعتقد أن أحسنَ ممثل للمدرسين هو المدير إذا حسنت النوايا، فالقوانين واضحة تُقِربحقُوق المربي مقابل واجبات يُؤدِّيها، وإن المربي لرائد، والرائد لايكذب أهله.إن هذه المواقف المهزوزة العابثة بمستقبل الأجيال عطلت فِعل الرقابة وحجّمت من دور المُفتش وصارمتملقاً ينشدُ الأمن، وتحولت مدارسنا إلى مقابر لدفن الفكر والقيّم ومُستنقع للعنف في غياب الانضباط. فاعتمد المدرسون والأساذة المذكرات الجاهزة المستنسخة من لنترنات دُون تأمل ودُون فهم، ودون العمل على تجديد الأفكار في العقول وتكييف المعارف، فابتعد المدرسون عن روح المناج وابتعدت عنه وافتى العابثون بحذف مواد الايقاظ وبعض المناشط، وصارت الدروس جافة عديمة الطعم واللون لاتترك أثرًا حتى لدى التلاميذ الأذكيّاء، ولجأ بعض المديرين الفاشلين إلى مطالبة المعلم بتضخيم التنقيط ليثبت للإدارة أن مستوى التحصيل جيِّد، يخدعون ويخادعون والحِيلة في ترك الحِيل، فكيف نفسر هذا الواقع الأسيف؟ {خُلق الانسان ليُفكر ومن تفكيره تعرف قيمته ..باستور}ومن أعجب الأعاجيب أن يقول بعض المفتشين بعظمة لسانه وأثناء زيارته للمدرسة لايهمُّه التلاميذ، يهمه أن تكون لدى المدرس الوثائق وما استنسخ من المذكرات، ونجد ذانك النقيضان في مكان واحد، أن نطالب بتحسين المستوى عن طريق تحسين الأداء والمدرسين ليس لهم دراية بالمقرروالمدير والمفتش يجهلان ذلك ويُحَلقان بدُون هدف، وقد اضمحلت لدى المدرسين القيَّم الثقافية ونالهم الصدأ في حين تنصبُّ جهود المديرين على ملء الجداول التي لاتستثمر مُطلقا، ولا أحد يعير التلميذ أدنى إهتمام وهو حجر الزاوية، وهل يعقل أن تشطب جميع الأنشطة من المنهاج بدعوى عدم جدواها؟ ونجدُ كل المشرفين يتهاومون في أروقة مديريات التربيّة وكأن أمرُ المؤسسات لايعنيهم، فمتى نحرِّر عقولنا وقلوبنا من الانحطاط والخمول والسخافة والتعفُن؟ متى نتحرَّر من الظلم والاجحاف في حق الأجيال؟ فالتلميذ جدير بأن يفرض وجوده ويلتمس لنفسه سبيلا،لأنّ الله منحه قوة خفيّة، قوّة النجاح، ولذلك كل مجهود يبذله لايذهب أبدًا أدراج الرياح،إنما سيذكر من وقف إلى جانبه ومن كان عنه مشغولا، وإن الغاية التي ننشدها هي تربيّة أبنائنا وانتشالهم من براثن الانحراف والتسرب والعُنف الذي كانت ضحياها من الأطفال الأبرياء، نتيجة الحضور الشكلِي للادارة وهيئة الاشراف والمراقبة ثم الدُّروس الميِّتة والتسيير الفاشل، وموت الضمير المهني، وقد قيل: "..غشني بالثمن ولاتغشني في السلع"والذي يعبث بعقول الأطفال ويخذل أبناء المسلمين يخذله الله.اللهم اهدنا وعافينا من المكر وجنب أبناءنا مكر الماكرين، وأحفظ وأعِنْ المربين الجادين المخلصين العاملين في صمت... ولله في خلقه شؤون م.ص.داسه

0 التعليقات:

إرسال تعليق