] 7[ شجاعة المعلم
قد يستغرب الكثيرون هذا العنوان ، وقد يقول قائل : ما دخل
الشجاعة بالتعليم ، فضلاً عن المعلم ! نقول : الشجاعة التي نرمي إليها ، هي
الشجاعة الأدبية كما يحلو للكثيرين أن يسميها بهذا الاسم ، ولا مشاحة في الاصطلاح
، فأما الشجاعة التي يذهب الذهن إليها عندما نسمع هذه الكلمة لأول وهلة ، فلقد كان
نبيكم صلوات الله وسلامه عليه ، أشجع الناس ، حتى إن بعض الصحابة رضوان الله عليهم
كانوا يحتمون ويلوذون به إذا اشتدت رحى الحرب لشجاعته عليه الصلاة والسلام[1] . وأما الشجاعة المقصودة هنا ، فهي شجاعة الكلمة ، والاعتراف
بالخطأ والقصور البشري ، وهذا لا يكاد يسلم منه أحد ، أما التدليس ، والجبن ،
والمراوغة فليست أمراً محموداً ، ويحسن بالمعلم أن ينأى عنه . ولعل الصورة تتضح
بعد تأمل الأمثلة .
1- عن أبي
رافع بن خديج قال : قدم النبي r المدينة ، وهم يأبرون النخل . يقولون
يلقحون النخل . فقال : ( ما تصنعون ؟ ) قالوا : كنا نصنعه . قال : ( لعلكم لو لم
تفعلوا كان خيراً لكم ) فتركوه . فنفضت[2] أو فنقصت . قال فذكروا ذلك له فقال : " إنما أنا بشر إذا
أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به . وإذا أمرتك بشيء من رأي . فإنما أنا بشر "
وفي بعض الروايات قال : " أنتم أعلم بأمور دنياكم "[3] . من سياق الحديث يتضح لنا بشرية النبي r ، وأنه يخضع للأحوال التي تعتري البشر
من النسيان والخطأ وغير ذلك . أما في مقام التشريع فلا يجوز عليه ذلك ، نعم قد
يحصل منه نسياناً في مقام التشريع لكي يشرع للأمة ، كما سلم من ركعتين في صلاة
رباعية ، فلما أخبر بذلك قام وأتى بالباقي وسجد سجدتين للسهو ، ومحل بسط ذلك في
كتب الأصول . الحاصل أن النبي r بين أنه بشر وأن رأيه في الأمور
الدنيوية التي ليس فيها تشريع قد يصيب وقد يخطئ . قال النووي : ( قوله ) : (
أنتم أعلم بأمور دنياكم ) قال العلماء : قوله r من رأيي أي في أمر الدنيا ومعايشها لا
على التشريع . فأما ما قاله باجتهاده r ورآه شرعاً يجب العمل به وليس من أبار
النخل من هذا النوع بل من النوع المذكور قبله ..[4] ولو أننا أعدنا النظر إلى سياق الحديث مرة أخرى ، فإننا لا نجد
فيه أن النبي r ، حاول أن يجد لنفسه العذر عندما رأى
هذا الرأي – وحاشاه ذلك – بل اعترف ببشريته ، وأن هذه الأحكام تجرى على البشر .
وتعالوا بنا لننظر إلى صحابة رسول الله r لنرى كيف ترسموا خطى نبيهم عليه أفضل
الصلاة والتسليم فمن ذلك :
2- ما
رواه مسروق قال : ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله r ثم قال : أيها الناس ما إكثركم في صدق
النساء وقد كان رسول الله r وأصحابه والصدقات فيما بينهم أربعمائة
درهم . فما دون ذلك . ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم
إليها . فلأعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم . قال : ثم نزل
فاعترضته امرأة من قريش فقالت : يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر
النساء على أربعمائة درهم ، قال : نعم فقالت أما سمعت الله يقول : ( وءاتيتم
إحداهن قنطاراً ) الآية قال : فقال اللهم غفراً ، كل الناس أفقه من عمر .
ثم رجع فركب المنبر فقال : أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في
صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله
ما أحب[5] .
ما أحب[5] .
3- عن
محمد بن كعب القرظي قال : سأل رجل علياً بن أبي طالب عن مسألة فقال فيها ، فقال الرجل
: ليس كذلك يا أمير المؤمنين ، ولكن كذا كذا ، فقال علي رضي الله عنه : أصبت
وأخطأت وفوق كل ذي علم عليم[6] الله أكبر انظر إلى تلامذة محمد r ، يضربون أروع الأمثلة في الشجاعة ،
والإنصاف ، ولو كان على حساب النفس ، وهذا والله ليزيد المرء عزاً ورفعة ، ولا
ينقص من قدره شيئاً ، ومن ظن غير ذلك فقد حاد عن جادة الصواب . والمعلم بحكم
وظيفته وبشريته ، معرض لمثل هذه المواقف ، فيا ترى ماذا يقول المعلم إذا أخطأ في
مسألة ما وعارضه بها أحد طلابه ، ثم بان له الصواب ، فهل يبادر إلى شكر الطالب
والاعتراف بالخطأ ؟ أم أنه يراوغ ، ويقلب الكلام بعضه على بعض ، حتى يبرهن لهم صحة
قوله ؟ أترك لك الجواب !
الخلاصة :
(0)
إتصاف المعلم بالشجاعة ، مطلب لكل معلم
.
(1)
الاعتراف بالخطأ ، ليس فيه تنقيص لصاحب
الخطأ ، بل هو رفعه له ، ودليل على شجاعته .
(2)
الاعتراف بالخطأ معناه إصلاح الخطأ ،
وعكسه الاستمرار عليه والعناد فيه .
^!^!^
]8 [مزاح المعلم مع
تلاميذه :
من المعلوم أن المواد العلمية تتميز بالجفاف في مادتها ،
وهي تستلزم حضوراً عقلياً وقلبياً ، فتجد الطالب يشحذ حواسه كلها لاستيعاب المادة
العلمية المطروحة ، ومهما يتميز به المعلم من حسن في الأداء ، وجودة في الطرح ،
فإن عقل التلميذ له قدرة محدودة في
استقبال المعلومات ، ولذا كان حري بالمعلم أن يدخل الطرفة بين ثنايا الدروس العلمية
لكي يطرد السآمة والملل الذي قد يخيم على أجواء الفصل من جراء تتابع عرض المواد
العلمية .
ومن فوائد بث الطرفة بين ثنايا الدرس من حين لآخر : أنها
تطرد السآمة والملل ، ومنها أنها تريح الذهن قليلاً من عناء المتابعة الدقيقة
للمعلم ، ومنها أنها تفيد المعلم أيضاً في أخذ قسط من الراحة ، ومنها أنها تشحذ
الذهن وتعطيه جرعة جديدة لمواصلة استقبال المعلومات ، ومنها أنها تغير جو الفصل
الذي خيم عليه الجفاف .. إلى غير ذلك .
والمزاح : بكسر الميم الانبساط مع الغير من غير تنقيص أو
تحقير له[8] يقول النووي : اعلم أن المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط
ويداوم عليه فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ويشغل عن ذكر الله والفكر في مهمات الدين
، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ، ويورث الأحقاد ، ويسقط المهابة والوقار
. فأما ما سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله r يفعله على الندرة ، لمصلحة تطييب نفس
المخاطب ومؤانسته ، وهو سنة مستحبة ، فاعلم هذا فإنه مما يعظم الاحتياج إليه اهـ[9] .
وقال الغزالي في الإحياء : إن قدرت على ما قدر عليه رسول الله r وأصحابه
وهو أن تمزح ولا تقول إلا حقاً ولا تؤذي قلباً ولا تفرط فيه وتقتصر عليه أحياناً
على الندور فلا حرج عليك فيه ، ولكن من الغلط العظيم أن يتخذ الإنسان المزاح حرفة
يواظب عليها ويفرط فيه ثم يتمسك بفعل الرسول r ..[10]
ولقد وردت أخبار عن النبي r في مداعبته لأهله ، ومزاحه مع أصحابه ،
وسوف نتخير منها – إن شاء الله – ما يكفي ويشفي :
1-
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالوا
: يا رسول الله ! إنك تداعبنا . قال : "
نعم ، غير أني لا أقول إلا حقاً "[11] .
2-
وعن أنس بن مالك أن رجلاً من أهل
البادية كان اسمه زاهراً وكان يهدي إلى النبي r هدية من البادية ، فيجهزه النبي r إذا
أراد أن يخرج ، فقال النبي r : " إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه
" . وكان r يحبه ، وكان رجلاً دميماً فأتاه النبي r وهو
يبيع متاعه ، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره ، فقال : من هذا ؟ أرسلني
.فالتفت ، فعرف النبي r فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي r حين
عرفه ، فجعل النبي r يقول : " من يشتري هذا العبد ؟
"
فقال : يا رسول الله إذاً تجدني كاسداً . فقال النبي r : " لكن عند الله لست بكاسد "
أو قال : " أنت عند الله غال "[12] .
3-
وعن أنس بن مالك أن رجلاً استحمل[13] رسول الله r فقال : " إني حاملك على ولد ناقة
" ! فقال : يارسول الله ما أصنع بولد الناقة ؟ فقال r : " وهل تلد الإبل إلا النوق ؟
"[14] .
الخلاصة :
(1)
الأثر الإيجاب الذي يحدثه المزاح في
تلطيف جو الدراسة ، وقطع الملل الذي يعتري الطلاب .
(2)
مراعاة عدم الإكثار منه ، كي لا يخرج
الدرس عن مساره , وتضيع الفائدة المرجوة منه .
(3)
الإكثار من المزاح ، يزيل الهيبة
والوقار .
(4)
المزاح لا يكون إلا حقاً أي صدقاً
(5)
عدم إيذاء أو إهانة أحد التلاميذ
بالمزاح .
^!^!^
]9[ الصبر واحتمال الغضب :
الصبر لغة بمعنى المنع والحبس[15] ، وهي منزلة رفيعة لا ينالها إلا ذوو الهمم العالية ، والنفوس
الزكية . والغضب هو ثورة في النفس ، يفقد فيها الغاضب اتزانه ، وتنقلب الموازين
عنده ، فلا يكاد يميز بين الحق والباطل ، وهي خصلة غير محمودة ، إلا ما كان منها
غضباً لله ، وهو ما كان يتصف به الرسول r ، فإنه لم يكن يغضب لنفسه ولم ينتصر لها
قط ، إنما كان يغضب إذا انتهكت حرمات الله .
ووجه تعلق ذلك بالتعليم : أن المعلم يتعامل مع أفراد
يختلفون في الطباع ، والأفكار ، فمنهم الجيد ، ومنهم الضعيف ، هذا بالإضافة إلى
انشغال المعلم بعمليات التحضير ، والتصحيح ، والتدريس المتواصل أغلب فترات اليوم الدراسي ، مع ما يتبع ذلك من تحمل لمشاكل
الطلاب المتكررة ، إلى غير ذلك من المهام المنوطة بالمعلم . فكل الأمور السالفة الذكر وغيرها ، تستلزم من المعلم
صبراً وتحملاً ، وهذا الصبر ليس سهل المنال ، بل إنه يحتاج إلى طول ممارسة من
المعلم حتى يعتاد ذلك ويألفه . وفقدان الصبر يوقع المعلم في حرج شديد ، خصوصاً إذا
كان ذلك أثناء ممارسته للتعليم ، فإن المعلم يواجه عقليات متفاوتة في الإدراك
والتصور ، والاستجابة ، إلى غير ذلك . فقد يظل المعلم يلقي درسه لمدة ساعة
متواصلة، ثم يفاجأ بقول أحد طلابه بأنه لم يفهم هذا الدرس كله ، أو قد يتعرض
المعلم إلى أسئلة تافهة أو في غير محلها ، أو قد يفاجأ المعلم أثناء إلقائه بأن
أحد طلابه نائم أو يبتسم .. الخ . بل إن من أشدها وقعاً وأثراً على المعلم وهو ما
إذا تعرض المعلم لكلمة نابية من أحد طلابه ، وليس ذلك بمستغرب لاختلافهم في الطباع
، والإدراك ونحو ذلك .
إن احتواء الغضب والسيطرة عليه ، علامة قوة للمعلم ، وليست
علامة ضعف ، خصوصاً إذا كان ذلك المعلم قادراً على إنفاذ ما يريد ، أخبر بذلك
الرسول r بقوله : " ليس الشديد بالصرعة[16] ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب[17] "
ويجسد ذلك فعل النبي r وقوله فإنه – بأبي وأمي – كان أملك
الناس لغضبه .
1-
عن أنس بن مالك قال : كنت أمشي مع رسول
الله r ، عليه رداء نجراني غليظ شديد الحاشية ،
فأدركه أعرابي . فجبذه بردائه جبذة شديدة . نظرت إلى صفحة عنق رسول الله r وقد
أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته . ثم قال : يا محمد ! مر لي من مال الله الذي
عندك . فالتفت إليه رسول الله r فضحك ثم أمر بعطاء[18] . علق النووي على هذا الحديث بقوله : فيه احتمال الجاهلين والإعراض عن
مقابلتهم ، ودفع السيئة بالحسنة[19] قلت : ولاشك أنه مهما بلغ من أمر الطالب ما بلغ ، فهو دون فعل ذلك
الأعرابي بكثير !! .
2-
عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه –
قال : قسم رسول الله r قسماً . فقال رجل : إنها لقسمة ما أريد
بها وجه الله : فأتيت النبي r فساررته . فغضب من ذلك غضباً شديداً
واحمر وجهه حتى تمنيت أني لم أذكره له . قال : ثم قال : " قد أوذي موسى
بأكثر من هذا فصبر "[20] .
ومن أثار هذا الغضب في الظاهر تغير اللون وشدة الرعدة في
الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام
واضطراب الحركة والكلام ، حتى يظهر الزبد على الأشداق وتحمر الأحداق وتنقلب
المناخر وتستحيل الخلقة ، ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته لسكن غضبه حياء
من قبح صورته ، واستحالة خلقته .. وأما أثره في اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش من
الكلام الذي يستحي منه ذو العقل ويستحي منه قائله عند فتور الغضب ، وذلك مع تخبط
النظم واضطراب اللفظ . وأما أثره على الأعضاء فالضرب والتهجم والتمزيق والقتل
والجرح عند التمكن من غير مبالاة .. وأما أثره في القلب مع المغضوب عليه فالحقد والحسد وإضمار السوء
والشماتة بالمساءات والحزن بالسرور .. أهـ .
وعلاج ذلك يكون بالعلاج الرباني والنبوي : أما العلاج
الرباني فقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الذين يكظمون غيظهم وليس ذلك فقط بل مع
العفو عن الناس . قال تعالى : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب
المحسنين )[22] .
وأما العلاج النبوي فقد عالج النبي الغضب بعدة طرق .
(3)
إذا كان الغاضب قائماً فليجس ، وإن لم
ينطفئ غضبه فليضطجع .
العقل آفته الإعجاب والغضب
|
|
|
|
والمال آفته التبذير والنهب
|
|
ولم أر في الأعداء حين
خبرتهم
|
|
|
|
عدواً لعقل المرء أعدى من
الغضب
|
|
الخلاصة :
(1)
الصبر عامل قوي في نجاح المعلم .
(2)
الغضب ثورة في النفس ، واختلال في
الموازين وضعف في التمييز ، وعواقبه وخيمة .
(3)
براعة المعلم تكمن في كيفية امتصاص غضبه
عند حدوثه والسيطرة على أعصابه .
(4)
التدرج ، وطول المران يكسبان المعلم ،
قوة ومنعة .
(5)
المبادرة بعلاج الغضب عند حدوثه ،
وأفضله على الإطلاق العلاج الرباني النبوي .
^!^!^
]10[ تجنب الكلام الفاحش البذىء :
الفحش
في القول ، والسباب ، والسخرية من الآخرين ، خصال ممقوتة ، تلفظها النفوس ، وتشمئز
منها الطباع ، وتنأى عنها النفوس الكريمة . والمعلم يفترض فيه أنه قدوة يقتفى أثره
، ويسلك سبيله . فإن اتصف المعلم ببعض هذه الخصال فهي نقيصة وأي نقيصة ، وإن
اجتمعت في معلم فهي طامة كبرى ، لأن الطالب يتأثر بمعلمه سلباً وايجاباً ، فإذا
كان هذا حال معلمه ، فماذا نرجو من الطالب ؟! . وفائدة القول أن اللعن ، والفحش ،
والسخرية ، تستلزم تنقيص الآخرين ، وتقتل فيهم روحهم المعنوية ، وتفسد عليهم فطرهم
وألسنتهم ، وتوغر صدور بعضهم على بعض . . إلى غير ذلك . هذا إلى جانب – وهو الأهم –
أنها أمور مرفوضة شرعاً وصاحبها متوعد بالعقوبة .
بيان ذلك : أ- السخرية :
1- قال تعالى : ( يأيها
الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى
أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ، ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد
الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون )[28] وقوله : ( لا يسخر قوم من قوم ) بكل كلام ، وقول وفعل دال
على إعجاب الساخر بنفسه . وعسى أن يكون المسخور به خيراً من الساخر ، وهو الغالب
والوقع . فإن السخرية ، لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساويء الأخلاق ، متحل بكل خلق
ذميم ، متخل من كل خلق كريم ن ولهذا قال النبي r : " يحسب امرىء من الشر ، أن
يحقر أخاه المسلم "[29] .
ب – اللعن والسباب :
1- عن عبد الله بن مسعود قال
: قال رسول الله r : " سباب المسلم فسوق وقتاله
كفر "[30] وفي هذا الحديث تعظيم حق المسلم والحكم على من سبه بغير حق بالفسق
...[31]
2- عن أنس بن مالك قال : (
لم يكن رسول الله r فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً ، كان يقول لأحدنا عند
المعتبة : ماله ترب جبينه )[32] .
3- عن أبي الدرداء قال : قال
النبي : " إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيام "[33] وحسبك بهذا ففيه غنية عن كثير من الآثار التي وردت في هذا الباب ،
وفيه كفاية لمن أعطاه الله ففماً وعقلاً .
ت - الفحش البذيء :
1- عن عبد الله بن مسعود ،
عن النبي r قال : " ليس المؤمن بالطعان ،
ولا اللعان ، ولا الفاحش ، ولا البذيء[34] "[35] .
الخلاصة :
(1)
هذه الخصال الذميمة ، تتعدى آثارها إلى
الغير ، فتؤثر فيه .
(2)
السخرية فيها تنقيص للمسخور به وإزدراء
له ، وهذا جالب للعداوة والبغضاء ، فكيف إن كان هذا دأب المعلم ؟
(3)
اللعن خلق ذميم وصاحبه متوعد بالعقوبة
إن لم يتب .
ا
[1] روى الإمام أحمد في مسنده ، في مسند العشرة
المبشرين بالجنة ، عن على رضي الله عنه قال : كنا إذا احمر البأس ولقى القوم القوم
اتقينا برسول الله r فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه .
[4] المصدر السابق . وتلاحظ أننا خرجنا عن مسارنا
وتوسعنا قليلاً في بيان التفريق بين قوله r ، إذا كان من باب التشريع ، أو من باب
الرأي في الأمور الدنيوية ، وذلك للحاجة إلى معرفته ، وحتى لا يحصل الخلط فيه . .
[5] ساقه الحافظ ابن كثير في تفسيره من طريق أبي
يعلى بسنده ثم قال ابن كثير في آخره . قال أبو يعلى : وأظنه قال : فمن طابت نفسه
فليفعل إسناده جيد قوي . ( تفسير ابن كثير . الآية 20 من سورة النساء ) .
[16] قال النووي في رياض الصالحين (ص42) : (والصرعة)
بضم الصاد وفتح الراء ، وأصله عند العرب من يصرع الناس كثيراً .
[18] رواه البخاري في الأدب وفي مواقع من صحيحه /
مسلم في الزكاة / أحمد في باقي مسند المكثرين / ابن ماجة في اللباس .
[20] رواه البخاري في الأدب . وفي مواقع من صحيحه /
مسلم في الزكاة / أحمد في مسند المكثرين من الصحابة .
[30] رواه البخاري في كتاب الإيمان / ومسلم في
الإيمان / أحمد في مسند المكثرين من الصحابة والترمذي في الإيمان / والنسائي في
تحريم الدم .
[33] البخاري ( الأدب المفرد ) وصححه الألباني برقم
340/316/ مسلم في البر والصلة / أحمد في مسند القبائل / أبو داوود في الأدب .
[34] الطعان : الوقاع في أعراض الناس بالذم
والغيبة ، ( اللعان ) اللعن خلاف النصر ، أي الملعون لا ينصره الله فيطرده ويبعده
، فلعن المؤمن أي طرده وإبعاده عن الجنة في أول أمره . و(الفاحش ) هو الذي يتسرع
لسانه بالفحش ولا يريد أن ينطق به .. قال : وكذا الفحش بالفعال قال الحافظ : هو
الزيادة على الحد في الكلام السيء ، فمن تعدى بزيادة القبح في القول والعمل فهو
فاحش . (البذئ) قال الجوهري : هو التكلم بكلام لا ينفع ، وقال القاري : هو الذي لا
حياء له ( النقل من كتاب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد لفضل الله الجيلاني
1/409، 411)
[35] البخاري ( الأدب المفرد ) وصححه الألباني برقم
237/312 . وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة / والترمذي في البر والصلة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق