مفهوم القصة القصيرة:
(محاضرة للأديب الطاهر مكي)
تلخيص: محمد النعمة بيروك
يعرف الدكتور القصة القصيرة بأنها تتميز بوحدة الزمان والمكان والحدث، وتتوفر على مقدمة وعقدة وخاتمة في العادة، ولا يملك حق الخروج عن هذه الثوابت إلا الكتاب المتمرسون المعرفون بهذا الجنس الأدبي والذين يملكون القدرة على خلق بدائل لجلب القارئ وجعله ينساق مع الحدث (فلا يغير القواعد إلا العبقري وليس المبتدئ)..لذلك فقد تكسر المقدمة حينما يبدأ الكاتب من حيث تنتهي القصة وهو ما يعرف بالقصة الدائرية وهناك القصة الحوارية التي هي عبارة عن حوار من أولها لآخرها..إلخ..متحدثا عن تجربة إحسان عبد القدوس الذي استطاع التخلص من الرتابة باستخدام عنصر المفاجأة كما أنه يكتب دون تحديد جنس العمل السردي الذي يكتبه وهو قادر على أن يجعلك تقرأ باستمرار حتى النهاية.
والركن المهم والأساسي الآخر في مكونات القصة القصيرة هو "الصراع" الذي لا يعتبر العمل قصة بدونه ، وهذا الصراع قد يكون بين المرء ونفسه، أو بينه ومجتمعه ..إلخ...
ويشير الدكتور إلى بعض الوسائل الفنية التي تمكن الكاتب من تجاوز أو كسر حواجز القوانين الثلاث (وحدة المكان والزمان والحدث) وذلك عبر "الحلم" و "ما وراء الوعي" أي انعزال عن اللحظة في السرحان والسهو اللا إرادي، وكذلك عبر التداعي أي حين يقوم كل حدث بجر حدث آخر دون الإخلال بوحدة الحدث الذي تقوم عليه القصة ككل، وكذلك "المنولوج" أو الحوار الداخلي عندما يكلم البطل نفسه، وأيضا توظيف " المونتاج السينمائي" أي أن الكاتب يملك رؤية بانورامية للقصة لكنه يقوم باستدعاء المشاهد حسب الحاجة.
بالنسبة للضمائر التي تأتي بها القصة القصيرة فمتعددة، فقد تأتي بلسان الراوي (ضمير المتكلم أو الضمير الأول) وهي الحالة التي ينعدم فيها الوصف، هناك أيضا ضمير الغائب (الضمير الثاني) بالإضافة إلى الضمير المخاطب وهو نادر وعادة ما يكون على شكل رسالة.
وفي تناوله لمسألة اللغة واللهجة في القصة القصيرة أشار الدكتور إلى أن المحاولات التي طرحت هذا الجنس باللهجة لم تجد الإقبال الجماهيري الواسع وهو الأمر الذي تنبه إليه الكاتب إحسان عبد القدوس الذي بدأ مثل محمود تيمور بالعامية قبل أن يحترف الكتابة باللغة العربية، هذا بالإضافة إلى أن الفكرة المتناولة قد لا يفهمها البسطاء من الناس حتى وإن قدمت بالعامية، مشيرا إلى أن نجيب محفوظ لم يكتب بالعامية قط، لكن الكتاب لا يجدون في الغالب بدا من استخدام العامية في الحوار عندما يكون المتكلم في القصة فلاحا مثلا.
وبالحديث عن أنواع القصة القصيرة تحدث الدكتور عن القصة الوصفية والقصة الحوارية التي لم يحبذها مقترحا التقليل من الحوار حيث يرى أن القصة تكون جيدة كلما كان قصيرا ومكثفا..
وفى رده على سؤال حول العدد المطلوب من الصفحات في القصة القصيرة قال الدكتور أن ذلك ليس مهما ولا قيمة له مشيرا إلى أن هناك قصة قصيرة لغادة السمان بأربعين صفحة، وأن الأهم هو الإبداع والفكرة والمفاجأة..وردا على سؤال آخر حول الفرق بين الخاطرة والقصة القصيرة قال أن هذه الأخيرة لقطة فيها صراع وهو الأمر الذي لا يوجد في الخاطرة المقتصرة على التعليق.
وفي ما يخص التسميات يقول الدكتور الطاهر مكي أن الوضع النقدي استقر على رواية ورواية قصيرة وقصة قصيرة، وليس هنالك شيء اسمه رواية طويلة ولا قصة طويلة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق