وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الأربعاء، 15 فبراير 2012

الحقول الدلالية:


الحقول الدلالية:

ـ (1) الإنسان:

ـ يمكن تصنيف الإنسان في القصيدة إلى  مستويات متعددة انطلاقاً من معطيات منهجية تمنحها البنية الكلية للنص، بالإضافة إلى الحدس الذوقي والتراكمات النظرية التي تتخلل عملية التحليل بكيفية غير مباشرة.
الإنسان المطلق
الإنسان المحدد عند الشاعر وشبه محدد عند المتلقي
الإنسان المحدد بالنسبة للشاعر والمتلقي
الأمم ـ خلق الله ـ الناس ـ الخلق ـ قوم ـ عرب ـ عجم ـ العدو ـ الجيش ـ الجحفليين ـ أهل النهى ـ أخو الدنيا ـ الإنسان ـ صديق ـ الأعمى .
ـ مجلسنا ـ الجمع ـ الزعنفة ـ حاسدنا
المتنبي ـ سيف الدولة ـ
هذه إذن هي الخطاطة العامة لعالم الإنسان كما تقدمه القصيدة، وفي المرحلة الموالية للتصنيف، سنتوقف عند كل قسم لمحاولة رصده على مستوى النص ككل، وتحديد شكل ودلالة حضوره، وفي الأخير سنحاول تحديد العلاقة التي تربط بين مختلف مستويات الإنسان.

الإنسان المحدد:

ـ الشاعر: يشكل الإنسان / الشاعر البؤرة الدلالية المبهمة في القصيدة، لأنه محور معانيها المتنوعة، وقبل ذلك مبدعها، فما هي الصورة التي تقدمها القصيدة عن الإنسان/ الشاعر؟
وماهي مختلف مكوناتها؟ وماهي علاقته بباقي الأفراد الذين يحضرون كشخصيات في النص؟
سنتجنب في البداية كل حديث عام وغير دقيق عن الشاعر، ولتحقيق ذلك سنعتمد على عناصر مضبوطة ومنهجية نحاول من خلالها الإجابة عن التساؤلات السابقة.
البنية النفسية: تتميز بنية الشاعر على المستوى النفسي بالتناقض الوجداني، دون أن نقصد بذلك دلالة المصطلح المحددة في علم النفس، ولكن نقصد به هذه الأحاسيس المتناقضة التي تتزامن في نفسية المتنبي، ويمكن اختزالها في مايلي:
ـ يحب الممدوح حباً صادقاً لكنه غاضب عليه لأنه فرط في علاقته النوعية به.
ـ يمدحه حتى يعتبره "أحسن خلق الله"، ثم يعاتبه عتاباً مراً يكاد يصل إلى السباب.
ـ يفكر في الرحيل لكنه "يعز عليه أن يفارقه".
المهم أن الشاعر تتوزعه أحاسيس متناقضة، توقف النص في نقلها إلى المتلقي.
البنية الجسدية: إن كتمان الحب على المستوى النفسي، أثر تأثيراً سلبياً على بنيته الجسدية، تمثل ذلك في نحول جسده:
وتدعي حب سيف الدولة الأمم


مالي أكتم حباً قد برى جسدي

إواليات تأكيد الذات:

المتنبي شاعر عرف عنه اعتزازه بنفسه وافتخاره بها، حتى ولو لم يسمح بذلك المقام أحياناً حسب الأحكام المعيارية التي سنها النقد العربي لتقنين طقوس المدح، والتأكيد على اختلافها باختلاف مكانة الممدوحين(([1]))، لكن المتنبي يعتبر أهم شاعر عربي قديم منح لنفسه مكانة  خاصة تكاد تكون ثابتة في مدائحه للآخرين، والقصيدة التي يتمحور حولها التحليل تؤكد ذلك.

التفردالمطلق:

يقول الشاعر:
بأنني خير من تسعى به قدم.


سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا

فالشاعر يخترق في البيت السابق المعرفة الإنسانية، كما يخرق منطق المتلقين في عصره، وفي كل العصور، عندما يعتبر نفسه أحسن وأميز البشر قاطبة، كما أنه قد خرق المبدأ النقدي المتمثل في مراعاة المقام للمقال، وعدم الغلو في الافتخار بالنفس أمام الممدوح، فعلى الشاعر أن يخضع إذن لمجموعة من القيود، كالإطراء في المدح "إن مدح أطرى وأسمع"(([2])). و"لا يجوز لغيره ـ أَو كما يجوز لغيره أن يكون معجباً بنفسه، مثنياً على شعره، وإن كان جيداً في ذاته، حسناً عند سامعه، فكيف إن كان دون ما يظن؟ كقوم أفردوا لذلك أنفسهم، وأفنوا فيه أعمارهم، وما يحصلون على طائل، وقد قال الله عز وجل: (فلا تزكوا أنفسكم) اللهم إلا أن يريد الشاعر ترغيب الممدوح أو ترهيبه فيثني على نفسه، ويذكر فضل قصيدته، فقد جعلوه مجازاً مسامحاً فيه:
كالذي يعرض لكثير من الشعراء في أشعارهم من مدح في قصائدهم"(([3]))..
إن البيت السابق يحقق الخرق على مستويات متعددة نحددها في الخطاطة التالية:
الخرق الثالث
الخرق الثاني
الخرق الأول


المتلقي المطلق
مراعاة المقام للمقال
 المتلقي  المباشر
المعرفة الإنسانية
النقد
مجلس سيف الدولة
لن نتخذ من البيت السابق موقفاً أخلاقياً لأنه يتضمن إحساساً سلبياً بالعظمة، وتفضيلاً للشاعر على سائر البشر، ولكننا ننظر إليه في سياقه الخاص والعام. فالسياق  الخاص: يرتبط بحوافز النظم التي أثرت على نفسية الشاعر تأثيراً سلبياً، جعلته ينفعل انفعالاً حاداً طبع القصيدة كلها، بالإضافة إلى الأذى الذي لحقه من طرف حساده. أما السياق العام فيتحدد في طبيعة الشعر باعتباره جنساً أدبياً يسمح للشاعر التغني بهمومه والتعبير عن عوالم ذاته.
والتفرد المطلق تعكسه أبيات أخرى في القصيدة:
والسيف والرمح والقرطاس والقلم


الخيل والليل والبيداء تعرفني

أنا الثريا وذان الشيب والهرم.


ما أبعد العيب والنقصان من شرفي

إن إواليات الذات الباحثة عن التفرد تنحصر في عنصرين: الشاعرية والفروسية، ويمكن حصر الأبيات التي تعبر عنها في الخطاطة التالية:

16-17
الشاعرية
18-19-20-21- [23]
الفروسية
15-30- [23].
التفرد المطلق
إن عناصر تأكيد الذات متمثلة في الفروسية والشاعرية تتكرر في شعر المتنبي، لكن بأشكال لغوية وتركيبية مختلفة.

¡¡
¡ المصادر والمراجع بالعربية
1-          الأصوات اللغوية، د. إبراهيم أنيس، مكتبة الأنجلو المصرية، مصر، ط5، 1979.
2-          بنية اللغة الشعرية، جان كوهن، ترجمة محمد الولي ومحمد العمري، دار توبقال، البيضاء، ط1، 1986.
3-          تحليل الخطاب الشعري، د. محمد مفتاح، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1985.
4-    ديوان أبي الطيب المتنبي، بشرح أبي البقاء العكبري المسمى بالتبيان في شرح الديوان، ضبطه وصححه ووضع فهارسه مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي، 1971.
5-          ديوان المتنبي، دار صادر، بيروت، لبنان. بدون تاريخ.
6-          سيفيات المتنبي، سعاد عبد العزيز المانع، دار عكاظ للطباعة والنشر، الرياض، ط1، 1981.
7-          شرح ديوان المتنبي، وضعه عبد الرحمن البرقوقي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1980.
8-          الصبح المنبي عن حيثية المتنبي، الشيخ يوسف البديعي، تحقيق مصطفى السقا ومحمد الشتا، عبده زيادة عبده، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1977.
9-          الصناعتين، أبو هلال العسكري، تحقيق مفيد قميعة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1931.
10-      العمدة، ابن رشيق القيرواني، تحقيق محيي الدين عبد الحميد، دار الجيل، بيروت، ط5 1959.
11-      في سيمياء الشعر القديم، محمد مفتاح، دار الثقافة، البيضاء، ط1، 1982.
12-      اللغة العربية معناها ومبناها، د. تمام حسان، دار الثقافة، البيضاء المغرب بدون تاريخ.
13-      المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها، عبد الله الطيب، دار الفكر، بيروت، ط2، 1970 ج1
14-      مفاعلات الأبنية اللغوية والمقومات الشخصانية في شعر المتنبي، د. عبد السلام المسدي الأقلام، بغداد، ع4، 1978.
15-      مقاربة أولية لنص شعري، محمد مفتاح، الفصول الأربعة، طرابلس، ع29، 1985.
16-      منهاج البلغاء وسراج الأدباء، حازم القرطاجني، تحقيق محمد الحبيب بن الخوجة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط2، 1982.
17-      موسيقى الشعر، د. إبراهيم أنيس، دار العودة، بيروت، لبنان.
18-      موسيقى الشعر العربي، شكري محمد عياد، دار المعرفة، مصر، ط2، 1978.
19-      نظرية الأدب، ر، ويليك وأوستين وارين، ترجمة محيي الدين صبحي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1981.
20-      نقد الشعر، قدامة بن جعفر، تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلمية، بيروت.
21-      الوساطة بين المتنبي وخصومه، عبد العزيز  الجرجاني، تحقيق أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي، دار القلم، بيروت، لبنان.


¡¡¡


(([1])) العمدة ، ج II، ص : 129.
(([2])) نفسه،  I، 199
(([3]))نفسه، 200.

2 التعليقات:

  1. أ.د.عمر محمد الطالب



    عزف على وتر النص الشعري
    دراســــــــة فــي
    تحلــيل النصـــوص الأدبيــة الشعريـة



    من منشورات اتحاد الكتّأب العرب
    دمشق - 2000

    ردحذف