وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
السبت، 4 مايو 2013

المعلم الأول


مدخــل

مهنة التعليم لا تساويها مهنة في الفضل والرفعة ، ووظيفة المعلم من أشرف الوظائف وأعلاها . وكلما كانت المادة العلمية أشرف وأنفع ، ارتفع صاحبها شرفاً ورفعة ً ، وأشرف العلوم على الإطلاق العلوم الشرعية ، ثم العلوم الأخرى كل بحسبه . والمعلم إذا أخلص عمله لله ، ونى بتعليمه نفع الناس ، وتعليمهم الخير ، لقول النبي r في الحديث الصحيح : " إنما الأعمال بالنيات " . ولعل حديث أبي أمامة رضي الله عنه يبين لنا فضل تعليم الخير . يقول : قال رسول الله r : " إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير "[1] .
ومهمة المعلم لا تقتصر على طرح المادة العلمية على طلابه فقط ، بل هي مهمة عسيرة وشاقة – وهي يسيرة على من يسرها لله عليه – فهي تتطلب من المعلم صبراً ، وأمانة ، ونصحاً ، ورعاية لمن تحته ، ولو عددنا ما الذي ينبغي توفره في المعلم لطال بنا المقام[2] . وقبل أن ندخل في فصول هذا الكتاب أحب أن أنوه إلى مسألة توضح مقصود هذا الكتاب ، وهو أنني جعلت من أفعال النبي r وأقواله ، مستنداً لي في استنباط صفات المعلم ، وطرق التدريس المختلفة ، وذلك لأن لنا في رسول الله r أسوة حسنة ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )[3] ، ولأنه - r - المعلم الأول الذي علم وربى صحابته فكانوا خير طلاب لخير معلم .
( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم إياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون )[4] .
ولعلك بعد تطالع كتابنا هذا يتبن لك أن ما ادعاه منظروا التربية والتعليم من إحداث طرق وأساليب متنوعة ، في التربية والتعليم ليس بمستقيم لهم ولا مسلم به على كل حال ، بل إن المعلم الأول r سبقهم بذلك بأربعة عشر قرناً . والله الموفق .





[1]  رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله . ( المختصر ص42) .
[2]  سيأتي تفصيل ذلك ، ولذلك أعرضت عن ذكره ههنا .
[3]  سورة الأحزاب ، الآية : 21 .
[4]  سورة البقرة ، الآية : 151 .

0 التعليقات:

إرسال تعليق