وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الأحد، 13 يناير 2013

السويسري الذي سمع الآذان يرن في أذنيه فأشهر إسلامه

حوار / السويسري الذي سمع الآذان يرن في أذنيه فأشهر إسلامه، "ذاكر داغوزان" يكشف: "أوروبيون يخفون إسلامهم بقلم : حاوره في سويسرا/ محمد مصطفى حايس

السويسري الذي
 سمع الآذان يرن في أذنيه فأشهر إسلامه،
السويسري الذي سمع الآذان يرن في أذنيه فأشهر إسلامه،
"ذاكر داغوزان" يكشف:
"أوروبيون يخفون إسلامهم خوفا من تهمة الارهاب"..!

- "الآذان و القرآن دفعاني لاعتناق الاسلام"
- في الوقت الذي كان أبناء جيلي من الفرنسيين، يصعرون الخد لكل ما هو مغاربي ، عربي أو إسلامي، كنت أنا أخالفهم، لأني أتعلم من هؤلاء ثقافتهم و عاداتهم و معاملاتهم ..

- أحلم في العديد من المرات بشخص " جبريل – عليه السلام"، الذي يقدم لي القرآن و يقول لي : لبي نداء الله .. لبي نداء الله يا ذاكر .. "، فأقوم مفزع..!

- من يوم إسلامي ورائحة عطرة كرائحة المسك، لم أشمها قط من قبل، لم تفارقني و تصحبني دائما عند ذهابي للمسجد، بل و أشعر بقوة داخلية لا أفهم كنهها و دوافعها .. لقد أصبحت خلقا جديدا، بل شعرت أني بعثت من جديد، كأسعد رجل في المعمورة..!

- إسم "ذاكر" لم يطلقه علي أحد، جاءني هبة من الله هكذا، فأنا لا أعرف العربية، و بعد أن ارتحت لهذا الاسم ذهبت للبحث عن معناه، فوجدت أن كلمة" ذاكر" من ذكر الله، فأزددت يقينا باختياري العفوي و عناية الله بي، و قد قررت أن أغير اسم ابني الصغير إلى ريحان.. !

لقد مدح الله سبحانه وتعالىَّ و رسوله صلىَّ الله عليه وسلم الغُربـة، فلا وحشة على أصحابها لأن الله وليهم و رسوله، فهم الخاصة المتمسكون بكتابه وسنة رسوله، وبهذا فهم الغُربـاء المؤمنون العاملون العابدون، مغزى حياتهم .. فطوبىَّ لهم، كما كتب أحدهم شارحا لمعنى الغربة في الإسلام، مصداقا لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا، فطوبى للغرباء".. غرباء في لغاتهم، غرباء في ألوانهم و أشكالهم، غرباء في عقيدتهم..غرباء في اوطانهم.. طوبى لهم ، بل طوبى للغرباء عموما !!

طوبى للغرباء .. لأنهم فهموا علة الوجود .. وعرفوا الغاية التي خلقهم الله من أجلها..
طوبى للغرباء .. لأنهم على العهد ثابتون .. لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم..
طوبى للغرباء .. لأنهم يصلحون إذا فسد الناس..بل لأن دين الله عندهم أغلى من متاع الدنيا وما فيها..
طوبى للغرباء .. لأنهم الصالحون والمصلحون .. العاملون والمعلِّمون..
طوبى للغرباء .. لأن صلاتهم ومناسكهم وحياتهم ومماتهم لله رب العالمين، مصداقا لقوله تعالى:" قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"..

هكذا بدت لي بعض معاني غربة العديد من معتنقي الاسلام الجدد الذين حاورتهم أخيرا،
وهذا أحدهم :
إنه "جون بولس داغووزان" أو " ذاكر داغووزان" كما يحب أن يسمى،، عمره 66 سنة من مواليد تولوز بفرنسا، حاليا مقيم بسويسرا منذ أكثر من 34 سنة، و قبل مجيئه لسويسرا كان قد درس الفلسفة و الديانات عموما كاليهودية والمسيحية و البوذية و بعض الفلسفات الأخرى ذات الصلة بالديانات والمعتقدات. وتخصص في الإعلام بحيث اشتغل في عالم الاتصال و السينما و الإذاعة و التلفزيون سنوات وسنوات، و حاليا يدير شركة للإعلام الآلي ، يتحدث في هذا الحوار عن أولى خطواته نحو إشهار إسلامه و عن الطريق التي اختاره كما يقول بمحض إرادته لأنه رآه طريقا فيه الطمأنينة و السكينة و فيه النجاة، "يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم "..

الحوار:


أستاذ ذاكر داغوزان مرحبا بك في حوارنا الاخوي هذا مع القراء العرب ، بداية، هل لك أن تعرف القارئ العربي بشخصك الكريم؟

ذاكر : شكرا أخي أستاذ مصطفى و شكرا على تقديمك لي أمام جمهور المسلمين في يوم صيام وقيام وعبادة كيوم تتقارب فيه رأس السنة الهجرية بالميلادي ..
إسمي جون بولس داغووزان، عمري 66 سنة من مواليد تولوز بفرنسا، مقيم بسويسرا منذ أكثر من 34 سنة، درست الفلسفة و الديانات عموما كاليهودية والمسيحية و البوذية و بعض الفلسفات الأخرى ذات الصلة بالديانات و المعتقدات. وتخصصت في الإعلام بحيث اشتغلت في عالم الاتصال و السينما و الإذاعة و التلفزيون سنوات وسنوات، و حاليا أنا أدير شركة للإعلام الآلي بمقاطعة "فو" السويسرية.

(مقاطعا) ..وعن علاقتك بالدين ..؟

ذاكر : أنا قادم إلى موضوع الدين .. الغريب أو الطبيعي في حياتي أني منذ نعومة أظفاري كان لدي إحساس أن الله واحد، رغم إني ولدت مسيحيا، فلم أستطع هضم صورة أو " طبيعة " الرب (عز وجل) كما تقدمه لي الكنيسة الكاثوليكية ! فالمسيح (عليه السلام) لا يمكن - في نظري و أنا طفل - أن يكون رجل و إله في نفس الوقت، لكن كنبي مرسل هذا لم يراودني فيه أدنى شك، أو كشاهد على عصره بالتأكيد نعم، لكن لا و لن يكون ربا يعبد أو شريكا للرب المعبود الخالق المكون المبدع ( سبحانه وتعالى عما يفترون ) .. كانت هذه الأفكار تراودني دائما ذهنيا و عاطفيا .. تشككني في المعتقد الإلهي كما تقدمه لنا الكنيسة بمختلف مدارسها.

أما بالنسبة للإسلام العزيز الذي أتشرف اليوم بالانتساب إليه، فتعود إرهاصاته الأولى إلى أكثر من 40 سنة خلت، درست فيها الديانات، كاليهودية و المسيحية و البوذية و بعض الفلسفات الأخرى ذات الصلة بالديانات و المعتقدات في العالم. و قد ساقني القدر إلى الإطلاع على ترجمات القرآن باللغة الفرنسية، منها ترجمة محمد حميدو الله و حمزة أبوبكر الجزائري ، طبعا الترجمتان شارك فيهما إمامنا في مسجد جنيف الكبير،الجزائري الشيخ محمود بوزوزو، حسب ما علمت من بعض مقربيه (رحمة الله عليهم جميعا) و غيرها من الترجمات، فوجدت في القرآن ضالتي، بل وجدت التحليل المنطقي الذي لا يتناقض مع المنطق و مع الواقع .. فقلت يومها بصوت مرتفع " الله أكبر"! هذا ربي الذي يجب أن أعبده ! هذا الكلام (أي الآيات)، كلام منطقي ومقنع بل وواقعي لا يحلق في أجواء الخيال ..
و هناك أمر لم أجد له تفسيرا منذ طفولتي الأولى، هو صوت الآذان أو النداء للصلاة الذي كان يرن دائما في أذني و أجد فيه متعتي و راحتي، دون معرفتي لألفاظه و معانيها، و وجدت نفسي أحفظ مقاطعه، دون علم، لكن أحن دائما لسماعه و أجد فيه راحة ولذة عجيبة .. !

و بدأ ذاكر يردد : " الله أكبر ، الله أكبر .. أشهد أن لا إله إلا الله.."، فقاطعته قائلا له:"ماذا يعني بالنسبة إليك هذا الأمر "؟!
ذاكر : (و البسمة تعلو محياه) دون علمي يا سيدي، فأنا أحمل في طياتي رسالة التوحيد، رسالة فطرة الإسلام، هذه البذرة التي غرسها الله في و أنا لا أعرف شيئا عن الإسلام، و أنا طفل هائم أبحث عن الحقيقة في أدغال المادية الغربية، اقرأ معي قول الله تعالى في سورة فصلت، الاية53 :
( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ شَهِيدٌ ) .. نعم، "وفي انفسم.."

وماذا عن أصحابك و مخالطاتك، في ذلك الوقت ؟
ذاكر : الحقيقة .. ! لا أبوح سرا ، إن قلت لكم أن رعاية الله كانت ترافقني أينما حللت و أرتحلت ، فقد كنت محظوظا حقا بحيث أكرمني الله بخير صحبة أخوية لم أجدها في أبناء جلدتي من الأوروبيين، فجل زملائي من المغرب العربي، في الوقت الذي كان أبناء جيلي من الفرنسيين، يصعرون الخد لكل ما هو مغاربي ، عربي أو إسلامي، كنت أنا أخالفهم، لان الحق والحق أقول ، بكل تجرد، كنت أتعلم من هؤلاء ثقافتهم و عاداتهم و معاملاتهم ..

وهل يفهم من هذا أنك كنت تسبح ضد "تيار الستينات " الفرنسي، و بقيت كذلك لحد الساعة؟

ذاكر : يا أستاذي، أنا أمشي وفق قناعاتي، لا يهمني من خالفني، ودليل وجودي اليوم بين المسلمين، هو ثمرة هذه الصحبة الطاهرة العفيفة النظيفة، واليوم بعد إسلامي، لن أنسى الأخوين صالح و توفيق، الاخ صالح صاحب وكالة أسفار بمدينة لوزان، و توفيق أستاذ بجامعة لوزان السويسرية، ساعدوني كثيرا لقطف ثمار هذه السفرة الممتعة التي حطت بي رحالها اليوم في بيت الله هذا ( المجمع الإسلامي بمدينة لوزان)، بحيث كان كل من صالح و توفيق يرددون لي بإستمرار، دون كلل و لا ملل، قولهم لي:" أن، إن كنت مستعدا داخليا (لتقبل الإسلام) يا ذاكر، فالله يرحب بي بطريقة أعلى و أغلى.. لا توصف و لا تقاس بثمن.."، مصداقا للحديث القدسي الشريف:"
" إذا تقرب إلي العبد شبراً تقربت إليه ذراعاً وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً وإذا أتاني ماشياً أتيته هرولة."

(مقاطعا) .. و أنت بعد ذلك، صاحب القرار أولا و آخرا ، طبعا ، بعد إرادة الله سبحانه و فضله وكرمه؟

ذاكر : نعم أستاذي، أنا أمشي وفق المنطق الطبيعي.. و قبل 3 أسابيع تحديدا شعرت برغبة جامحة "لمعانقة" ربي، و للاقتراب منه أكثر .. ليلتها أمضيت نوما متقطعا أحلم في العديد من المرات بشخص " جبريل – عليه السلام"، الذي يقدم لي القرآن و يقول لي : لبي نداء الله .. لبي نداء الله يا ذاكر .. لبي نداء الله"، فأقوم مفزعا و أقول في نفسي، ما هذأ ، ثم أقول في نفسي ما هي إلا أضغاث أحلام، ثم أنام و هكذا تكرر الأمر عدة مرات في نفس الليلة.. و عند صباح الغد قمت متعطشا لمعرفة كنه أحلامي، فقلت في نفسي هل هو حقا نداء الإسلام، أم تراني من كثرة التدبر في الديانات و الفلسفة علقت هذه الأفكار بذهني، و أصبحت أحلم بها نائما و يقضا .. !؟

ثم ماذا كان قرارك، بعد هذه الاحلام السارة و المفزعة في آن واحد؟
ذاكر : نعم صدقت أحلام السارة و المفزعة في آن واحد.. إتصلت حينها بزميلي صالح، و حكيت له القصة، فأجابني مسرعا:" لقد حان وقتك ياذاكر، أبشر برحمة من الله و رضوان.. أستعد لنذهب للصلاة سويا سأمر عليك يوم الجمعة بحول الله"، و فعلا بعد 3 أيام كان صالح قد رتب لنا لقاء مع أحد أئمة المجمع الإسلامي بلوزان .. إنه القدر، بل إنه المكتوب،لأن كلمة مكتوب ينظر إليها بمعان مختلفة في الغرب حسب علماء الدين واللاهوت، فبالنسبة لبعضهم القدر ينحصر في النتائج المحصل عليها بعيدا عن إرادة الشخص، و بالنسبة لآخرين يتعد ذلك إلى ما يفعله و ما لا يفعله الشخص.. و لكنني أرتاح أكثر إلى تفسير الإمام أحمد بن حنبل، الذي أعطى وصفا قاطعا للقدر أو المكتوب..

(مقاطعا) .. نعم أستاذ ذاكر، عموما القدر في القاموس لغة: التقدير، يقال: قدر الشيء أي بيّن مقداره وقدّر الشيء بالشيء، أي قاسه به وجعله على مقداره. وقدّر الأمر، ‏دبّره، قضى وحكم به. ويرد بمعنى القوة و الطاقة أيضاً. وعندما تنتقل الكلمة إلى باب التفضيل: قدّر، يصبح معناها: حكم به، نفذ ‏حكمه، قضى…ونجد من مجموع هذه المعاني أن القدر اصطلاحاً هو: ما قدّره الله سبحانه من القضاء وحكم به.
وهناك العديد من الآيات الجليلة المؤيدة لذلك:‏
(وَعِندَهُ مَفَاتحُ الْغَيبِ لاَ يَعلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ويَعْلَمُ مَا في الْبَرِّ وَالْبَحرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إلاَّ يَعلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ في ظُلُمَاتِ اْلأَرْضِ وَلاَ ‏رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ في كِتَابٍ مُبِين) (الأنعام: 59)‏
‏(قُل لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَراً وَلاَ نَفْعاً إلاّ مَا شَاءَ اللهُ # لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ اِذَا جَاءَ أَجَلُهُم فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقدِمُونَ) (يونس: ‏‏49)‏ ‏

ذاكر : شكرا.. على هذه المعلومات القيمة، المهم بالنسبة لي أن القدر تفويض كل شيء إلى الله تعالى قبل وجوده في مخطط علمي.. وبالتالي فالقدر هو اقتران ما خلقه الله سبحانه بكسب الإنسان، أي أن الإنسان يباشر بعملٍ ما، فيؤدي بإرادته ذلك العمل... وهكذا فالقدر هو تقدير الله سبحانه بعلمه المحيط بالأزل والأبد بوجود الأشياء، قبل وجودها ‏وبعد وجودها وما ستئول إليه في المستقبل. لذا نقول: مثلما نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، ‏كذلك نؤمن بالقدر.

جيد لنعود إلى بقية السؤال ..؟
ذاكر : معذرة .. لقد جرتني "الفلسفة" للخروج عن حوارنا، قلت لك .. توجهت يومها مع الأخ صالح للمجمع الثقافي الإسلامي بمدينة لوزان (العاصمة الأولمبية الدولية)، وكان ذلك اليوم المشهود أحسن أيام حياتي، إستقبلنا الأستاذ مصطفى الجزائري أحد خطباء المسجد مع الشيخ مشيش حمدان العالمي رئيس المجلس العلمي بجامعة فاس المغربية، الذي حل ضيفا على المراكز الإسلامية في سويسرا كمحاضر وواعظ في رمضان، و جلسنا في قاعة الاستقبال حول مائدة شاي مغاربية (أنظر الصورة المرفقة)، تجاذبنا فيها أطراف الحديث حول الأمور التي أقنعتني بالإسلام كدين و منهج حياة، و بعد أن صلينا صلاة العشاء خلف الشيخ مشيش حمدان العالمي، حتى دنى مني الأستاذ مصطفى و طلب مني أن أقترب قصد إعلان الشهادة، و ترديدها باللغة العربية وراء الدكتور مشيش .. حين أنهيت شهادتي غمرتني فرحة لا أستطيع التعبير عنها، و تصببت عرقا غزيرا، و تقدم إلي أعضاء من إدارة" المجمع الإسلامي" و العديد العديد من المسلمين يهنئونني باعتناقي الإسلام، حينها شعرت فعلا بفرحة تغمرهم كأني أحد أفراد عائلاتهم، علما أني لم أتشرف بلقاء أي منهم فيما سبق!!
من يومها ورائحة عطرة كرائحة المسك، لم أشمها قط من قبل، لم تفارقني و تصحبني دائما عند ذهابي للمسجد، بل و أشعر بقوة داخلية لا أفهم كنهها و دوافعها .. لقد أصبحت خلقا جديدا، بل شعرت أني بعثت من جديد، كأسعد رجل في المعمورة.. فالحمد لله أولا و آخرا والشكر لمن أخذ بيدي في هذا اليوم المشهود إلى المسجد!!

إنها فعلا أحاسيس رائعة ، لكن من أطلق عليك إسم ذاكر؟

ذاكر : معذرة إن قلت لك أن أمري عجيب، إسمي الحقيقي جون بولس داغووزان، كما ذكرت في المقدمة، لكن اسمي الإسلامي، لم أطلقه أنا على نفسي و لم يطلقه عني أحد، جاءني هبة من الله هكذا، فأنا لا أعرف العربية، لكن لا أفهم كيف حدثتني نفسي واختارت لي هذا الاسم، ذاكر، واقتنعت به دون معرفة لمعناه، و بعد أن ارتحت لهذا الاسم ذهبت للبحث عن معناه، فوجدت أن كلمة" ذاكر" من ذكر الله، فأزددت يقينا باختياري العفوي و عناية الله بي، و قد قررت أن أغير اسم ابني الصغير إلى ريحان.. لأني وجدته من الأسماء الإسلامية الطيبة.

أخيرا كيف تعيش حياتك الجديدة كمسلم رسالي يعيش في الغرب على أرض أجداده؟

ذاكر : أولا أحب أن أركز على أن رسالة المسلم في الغرب تختلف نوعا ما عن رسالته في باقي البلاد الإسلامية، فوفق ثقافتي و عاداتي فأنا مسلم أوروبي، لأن هناك العديد من الطرق للعيش كمسلم وفق قوانين و إكراهات أحيانا يجب أن يراعيها الداعية المسلم في هذه الديار، مع التمسك طبعا بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه و سلم) ، هذه ثوابت لا أحيد عنها قيد أنملة، لا أدعي أن سيرتي و حياتي كلها وفق ما جاء به سيدنا محمد، لكني أسعى كل مرة أن أتحسن و أتطور رغم أني في خريف عمري، فقد عاهدت نفسي و ربي أن أخدم و أساعد كل إخواني الذين أسلموا حديثا مثلي ، خاصة منهم الذين لا زالوا يعيشون دينهم خفية و تسترا، لم يشهروا ذلك أحيانا حتى في أضيق الدوائر.. لأسباب كثيرة، أعرف من أشهر إسلامه مثلي لكن لا يريد أن يأتي للمسجد، وأعرف من أسلم منذ سنوات لكن يخشى أن يسحب منه البساط في شغله فيكتم إيمانه.. فيهم من يخشى أن ينظر إليه بعد إسلامه "أنه أصبح إرهابيا، أو أدخل في زمرة دين يقوم على العنف" كما يزعم بعض المضللين، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر .. حتى أنا عائلتي لما علمت بإسلامي في البداية، استغربت كيف اخترت الإسلام هذا الدين المخيف ( في نظرهم)، و لم أختر دينا آخر، و قد قيل لي لو أصبحت هندوسيا، أو ..أو .. أو حتى لا دينيا لقبلنا بك، أم أن تصبح مسلما، و نحن نسمع يوميا عن العنف و الإرهاب و فتاوى القتل باسم دين العرب هذا، و استعباد المرأة و هضم حقوقها ، و..و... إلخ.
أمام هذا الخلط العجيب، وجدت نفسي مكلف برسالة التوضيح و الشرح ..فلا أفوت فرصة.. كلما سمحت الظروف، أشرح وجهة نظري في الإسلام للمستفسرين من أقاربي، و قد أقنعت زوجتي البرتغالية الأصل ووالدي باختياري لهذا المنهج الرباني ورحبوا بديني و قناعاتي و لم يعارضوا أبدا- والحمد لله- ، و حاولت أيضا بعدها مع العديد من أقاربي لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي تروج لها بعض وسائل الإعلام، و كثيرا ما يكون ذلك عن جهل بالإسلام و ليس عداوة له بالضرورة، و فهموا حينها أن الإسلام ليس دين العرب وحدهم، و ما نسبة العرب من المسلمين إلا القليل، تمثل اقل من 20% من مسلمي العالم، الاسلام دين العلم والنور جاء بكلمة اقرأ، دين العلوم و العلماء الذين أناروا أوروبا عن طريق الأندلس، .. دين جابر بن حيان، دين الفارابي و ابن سينا و غيرهم كثير..

شكرا أستاذ، على هذا التذكير بتاريخ هؤلاء العلماء الكبار الذين نوروا الغرب، أخيرا لو سمحت كلمة ختامية ننهي بها هذا الحوار الشيق؟
ختاما أشكركم على هذا الصبر لأنكم سمحتم لي أن أفرغ ما في جعبتي ليطلع عليه القارئ العربي، كما أحب، أن أيث حزني و أسفي مترحما على روح والدي الذي رحل هذه السنة دون أن أوفق لتفتح صدره للاسلام، صحيح هو مؤمن، لكن لم يكن مسلما، و مات في فرنسا بهذا الوباء الخطير " الالزايمر"، فاللهم أرحمه و أغفر له .. ورسالتي اليوم، فيما بقي لي من عمر- إن شاء الله، هي السعي لتبصير من حولي بالنور الذي أسير وفق منهجه مبشرا لا منفرا كما هو مترجم في السيرة النبوية المطهرة ، فنحن دعاة و لسنا قضاة كما يقول بعض مفكرينا، وما ذلك الله بعزيز، و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل.

0 التعليقات:

إرسال تعليق