وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الأربعاء، 4 يناير 2012

العلم - تعريفه وحكمه -


تعريف العلم
العلم هو المعرفة ، وهو ضد الجهل .  
العِلْـمُ : نقـيضُ الـجهل، عَلِـم عِلْـماً و عَلُـمَ هو نَفْسُه، ورجل عالـمٌ و عَلِـيمٌ من قومَ عُلـماءَ فـيهما جميعاً. لسان العرب (12/417).
والعلم الذي نعنيه في هذا الكتاب ، هو العلم الشرعي الذي مدحه الله تعالى في كتابه الكريم ، ومدحه ورسوله e  . وهو إرث الأنبياء.
قال رسول الله e : "إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر" .
أخرجه أبو داود كتاب العلم برقم (3641) ، والترمذي في كتاب العلم برقم (3682) ، وابن ماجة برقم (223) ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (6297) .
قال المناوي : أراد به ما يشمل الرسل كما هو بين والأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا  العلم ، قال بعض العارفين : إنما يرث الإنسان أقرب الناس له رحما ونسبا وعملا ، فلما كان العلماء أقرب الناس إليهم وأجرأهم على عملهم ورثوهم حالا وفعلا وقولا وعملا ظاهرا وباطنا ، فعلم أنه إنما ينال هذا المنصب من عمل بعلمه فالعاملون به يستحقون الإكرام والإعظام لأنهم من الخلق أسراره وعلى الأرض أنواره وللدين أوتاد وعلى أعداء الله أجناد ، فهم لله أولياء وللأنبياء خلفاء  ]أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّه[ . المجادلة (22) .
قال بعض العارفين : العلوم منحصرة في ثلاث ، [أولاً] : علم يتعلق بالدنيا وأسبابها وما يصلح فيها ، [ثانياً] : وعلم يتعلق بالآخرة وما يوصل إليها ، [ثالثاً] : وعلم يتعلق بالحق علم أذواق وشرب ، فالأنبياء جمعوا هذه العلوم ثم ورثها عنهم من تأهل لرتبة الوراثة وما عداهم فإنما يتعلق بالبعض . اهـ . فيض القدير (2/93) .

حكمه

حكمه : منه ما يكون فرض عين على كل مسلم ، مثل تعلم الصلاة ، والصيام ، والحج ، والزكاة ، وما شابه ذلك من الأعمال التي يحتاجها المسلم في حياته اليومية ، فيكون عليه فرض أن يتعلم كيف يصلي مثلاً ، أو كيف يحج ، أو أحكام الصيام .
 قال رسول الله  e : "طلب العلم  فريضة على كل مسلم " .
هذا الحديث ثبت عن أنس ، وعن الحسين بن علي ، وعن ابن عباس ، وعن ابن عمر ،  وعن ابن مسعود ، وعن علي ، وعن أبي سعيد. صحيح الجامع حديث رقم (3913)  .
قوله: "طلب العلم فريضة على كل مسلم": قال الإمام المناوي في فيض القدير :قد تباينت الأقوال وتناقضت الآراء في هذا العلم المفروض على نحو عشرين قولاً ، وكل فرقة تقيم الأدلة على علمها ، وكل لكل معارض ، وبعض لبعض مناقض ، وأجود ما قيل قول القاضي : ما لا مندوحة عن تعلمه ، كمعرفة الصانع ، ونبوة رسله ، وكيفية الصلاة ونحوها ، فإن تعلمه فرض عين ، قال الغزالي في الإحياء  :  المراد العلم باللّه وصفته التي تنشأ عنه المعارف القلبية وذلك لا يحصل من علم الكلام بل يكاد يكون حجاباً مانعاً منه وإنما يتوصل له بالمجاهدة فجاهد تشاهد ثم أطال في تقريره بما يشرح الصدور ويملأ القلب من النور  . 
وفي رواية عن أنس t ، عن رسول الله e : "طلب العلم فريضة على كل مسلم و إن طالب العلم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر"  . 
صحيح الجامع حديث رقم (3914) .
قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره : طلب العلم ينقسم قسمين : فرض على الأعيان كالصلاة والزكاة والصيام . قلت وفي هذا المعنى جاء الحديث المروي إن طلب العلم فريضة . روى عبد القدوس بن حبيب أبو سعيد الوحاظي ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم النخعي قال : سمعت أنس بن مالك يقول سمعت رسول الله  e : يقول : "طلب العلم فريضة على كل مسلم" . قال إبراهيم :لم أسمع من أنس بن مالك إلا هذا الحديث ، وفرض على الكفاية كتحصيل الحقوق وإقامة الحدود والفصل بين الخصوم ونحوه ، إذ لا يصح أن يتعلمه جميع الناس فتضيع أحوالهم وأحوال سراياهم وتنقص أو تبطل معايشهم ، فتعين بين الحالين أن يقوم به البعض من غير تعيين ، وذلك بحسب ما يسره الله لعباده وقسمه بينهم من رحمته وحكمته بسابق قدرته وكلمته ، السادسة طلب العلم فضيلة عظيمة ومرتبة شريفة لا يوازيها عمل . اهـ . تفسير القرطبي (7/311) .
وروى عن بن المبارك ، أنه سئل عن تفسير هذا الحديث ، فقال ليس هو الذي يظنون ، إنما طلب العلم فريضة أن يقع الرجل في شيء من أمور دينه فيسأل عنه حتى يعلمه .
وقال البيضاوي : المراد من العلم  هنا مالا مندوحة للعبد عن تعلمه كمعرفة الصانع والعلم بوحدانيته ونبوة رسوله وكيفية الصلاة فإن تعلمه فرض عين .
 وقيل : هو طلب علم الحلال حيث كان أكل الحلال فريضة ، وقيل هو علم البيع والشراء والنكاح والطلاق ، إذا أراد الدخول في شيء من ذلك يجب عليه طلب علمه، وقيل هو علم الفرائض الخمس التي بني عليه الإسلام ، وقيل : هو علم التوحيد بالنظر والاستدلال أو النقل ، وقيل هو علم الباطن وهو ما يزداد به العبد يقينا وهو الذي يكتسب بصحبة الصالحين والزهاد والمتعبدين ، فهم وارثو علم النبي   e. اهـ . شرح سنن ابن ماجة (1/20) .
قال أبو بكر الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى : والطلب المفروض على كل مسلم إنما هو طلب العلم الذي لا يسعُ جهلهُ ، فتجوز الرحلة بغير إذن الأبوين إذا لم يكن ببلد الطالب من يعرفه واجبات الأحكام ، وشرائع الإسلام ، فأما إذا كان قد عرف علم المفترض عليه ، فتكون له الرحلة إلا بإذن أبويه .
قال أبو بكر أيضاً : وإذا منع الطالب أبواه عن تعلم العلم المفترض ، فيجب عليه مداراتهما ، حتى تطيب له أنفسهما ، ويسهل من أمره ما يشق عليهما . اهـ . آداب طالب الحديث من "الجامع" للخطيب .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : وطلب العلم الشرعي فرض على الكفاية إلا فيما يتعين مثل طلب كل واحد علم ما أمره الله به وما نهاه عنه فان هذا فرض على الأعيان كما أخرجاه في الصحيحين عن النبي e أنه قال من يرد الله به خيرا  يفقهه   في الدين وكل من أراد الله به خيرا لا بد أن  يفقهه   في الدين فمن لم  يفقهه   في الدين لم يرد الله به خيرا والدين ما بعث الله به رسول وهو ما يجب على المرء التصديق به والعمل به وعلى كل أحد أن يصدق محمدا e فيما أخبر به ويطيعه فيما أمر تصديقا عاما وطاعة عامة ثم إذا ثبت عنه خبر كان عليه أن يصدق به مفصلا وإذا كان مأمورا من جهة بأمر معين كان عليه أن يطيعه طاعة مفصلة وكذلك غسل الموتى وتكفينهم والصلاة عليهم ودفنهم فرض على الكفاية   وكذلك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض على الكفاية . اهـ . مجموع الفتاوى (28/80) .



0 التعليقات:

إرسال تعليق