وقل رب زدني علما

وقل رب زدني علما
الأربعاء، 4 يناير 2012

فضل العلم


فضل العلم
قال الله تعالى : ) شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(  .آل عمران (18) .
بدأ بنفسه سبحانه وتعالى ، وثنى بملائكته ، وثلث بأولي العلم. وهذا يدل على فضلهم ومكانتهم عند الله جل في علاه .
وقال تعالى:) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ[ العنكبوت  (43) .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : أي وما يفهمها ويتدبرها إلا الراسخون في العلم المتضلعون منه ، قال الإمام أحمد ، حدثنا إسحق بن عيس ، حدثني ابن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن عمرو بن العاص t قال : "عقلت عن رسول الله e ألف مثل" . وهذه منقبة عظيمة لعمرو بن العاص t حيث يقول الله تعالى : "وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون"  . تفسير ابن كثير (3/415) .
وقال تعالى: ) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (. سورة العنكبوت: (49).
وقال سبحانه وتعالى : )وقل ربِّ زدني علماً(. سورة طه: (114).
قال ابن حجر رحمه الله تعالى : واضح الدلالة في فضل العلم ، لأن الله تعالى لم يأمر نبيه  e بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم ، والمراد بالعلم العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته والعلم بالله وصفاته وما يجب له من القيام بأمره وتنـزيهه عن النقائص ، ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه . اهـ . فتح الباري (1/141) .
  وقال تعالى: )قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب (. سورة الزمر (9).
وقال تعالى :)  يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (. سورة المجادلة (11).
قيل في تفسيرها يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم ورفعة الدرجات تدل على الفضل إذ المراد به كثرة الثواب وبها الجنة . اهـ . فتح الباري (1/141) .
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل حدثنا إبراهيم ، حدثنا ابن شهاب ، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة ، أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان ، وكان عمر استعمله على مكة ، فقال له عمر من استخلفت على أهل الوادي ، قال استخلفت عليهم ابن أبزي رجل من موالينا ، فقال عمر استخلفت عليهم مولى ، فقال يا أمير المؤمنين إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض قاض ، فقال عمر رضي الله عنه أما إن نبيكم   e  قد قال : "إن الله يرفع بهذا الكتاب قوما ويضع به آخرين" [ رواه مسلم برقم (816) ] . اهـ . تفسير ابن كثير (4/327).
وقال تعالى :  )إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء (.سورة فاطر       (28).
وعن معاوية t قال : قال رسول الله r : "من يرد الله به خيراً يفقه في الدين إنما أنا قاسم ويعطي الله ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة وحتى يأتي أمر الله". أخرجه البخاري في كتاب العلم برقم (71) وفي كتاب الاعتصام برقم (7312) وفي كتاب الخمس (3116)، وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة برقم (2386 و 2389).
مفهوم الحديث أنه من لم يتفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإسلام لم يرد الله به خيرا ويلهمه برشده بباء موحدة أوله بخط المصنف وفيه كالذي قبله شرف   العلم  وفضل العلماء وأن التفقه في الدين علامة على حسن الخاتمة وروى البخاري في الصحيح معلقا من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما العلم بالتعلم . فيض القدير (6/242) .
وهذا الحديث مشتمل على ثلاثة أحكام أحدها فضل التفقه في الدين وثانيها أن المعطي في الحقيقة هو الله وثالثها أن بعض هذه الأمة يبقى على الحق أبدا . اهـ . فتح الباري (1/164) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : فكل من أراد الله به خيرا فلا بد أن  يفقهه   في الدين فمن لم  يفقهه   في الدين لم يرد به خيرا وليس كل من فقهه في الدين قد أراد به خيرا بل لا بد مع الفقه في الدين من العمل به فالفقه في الدين شرط في حصول الفلاح فلا بد من معرفة الرب تعالى ولا بد مع معرفته من عبادته والنعيم واللذة حاصل بذلك . اهـ . الصفدية (2/266) .
وقال المناوي رحمه الله تعالى : إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وألهمه رشده ، أي وفقه لإصابة الرشد وهو إصابة الحق ذكره القاضي ، قال الزمخشري : والرشد الاهتداء لوجوه المصالح ، قال تعالى : ] فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [ النساء  الآية (6) ، ومعنى إضافته إليه أنه رشد له شأن ، قال السمهودي : ومفهومه أن من لم  يفقهه  في الدين ولم يرشده لم يرد به خيرا ، وقد أخرجه أبو نعيم وزاد في آخره ومن لم  يفقهه  في الدين لم يبال الله به ، وكذا أبو يعلى لكنه قال ومن لم  يفقهه لم يبال به ، وفيه أن العناية الربانية وإن كان غيبها عنا فلها شهادة تدل عليها ودلالة تهدي إليها ، فمن ألهمه الله الفقه في الدين ظهرت عناية الحق به وأنه أراد به خيرا عظيما كما يؤذن به التنكير ، وهذا التقرير كله بناء على أن المراد بالفقه علم الأحكام الشرعية الاجتهادية . اهـ . فيض القدير (1/258) .
قال البخاري : باب فضل العلم وقول الله تعالى : ] يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ[ المجادلة الآية (11) .
 وقوله عز وجل : ]وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ . طـه الآية (114).
عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة t قال: "بينما النبي  e  في مجلس يحدث القوم جاءه أعرابي فقال متى الساعة فمضى رسول الله  e  يحدث ، فقال بعض القوم سمع ما قال فكره ما قال ، وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه، قال أين أراه السائل عن الساعة قال : ها أنا يا رسول الله ، قال : فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال كيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".رواه البخاري رقم (59) .
وعن أبي قتادة t قال : قال رسول الله  r : "خير ما يخلف الرجل من بعده ثلاث : ولد صالح يدعو له وصدقة تجري يبلغه أجرها وعلم يُعمل به من بعده". صحيح الترغيب برقم (76) .
وعن عبد الله بن مسعود t قال : قال رسول الله r : "لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته بالحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها".  
رواه البخاري في كتاب العلم برقم (73)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين برقم (816).
الحسد هنا يراد به : الغِبطة وهو أن يتمنى مثله .
وعن سهل بن سعد t ، أن النبي r قال لعلي t : "فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم". متفق عليه.
وعن أبي هريرة t قال : سمعت رسول الله r يقول : "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً".
رواه ابن ماجة (4112) والترمذي (2323) وقال: حديث حسن، وقال الشيخ الألباني : "حسن صحيح"، الترغيب برقم (70).
وعن أبي موسى t قال : قال رسول الله  r: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فسدت وكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله تعالى بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله فعلم ونفعه ما بعثني الله به وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به". أخرجه البخاري في كتاب العلم برقم (79) ، ومسلم في كتاب الفضائل برقم (5912) .
"الكلأ" : بالهمز وهو العشب رطبه ويابسه .
"الأجادب" : هي الأرض الصلبة التي تمسك الماء ولا تنبت .
و "القيعان" : جمع قاع وهي الأرض المستوية .
"الغيث" : المطر .
وعن أبي أمامة t أن رسول الله r قال : "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم"، ثم قال رسول الله  r : "إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير".
أخرجه الترمذي (2685) ،  والدارمي (1/97 -  98) ، الترغيب (78)، المشكاة (213، 214) ، الحديث حجة (ص53) ، إصلاح المساجد (ص12) .
وعن عبد الله بن مسعود t قال : سمعت رسول الله r يقول : "نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه فرُب مبلَّغٍ أوعى من سامع". أخرجه الترمذي (2657، 2658) وابن ماجة (232) وأحمد (1/437). والحميدي (88) والبغوي (112) في شرح السنة، المشكاة (230، 231)، صحيح الترغيب (83) ، صحيح الجامع رقم (6764) .
وفي رواية عن زيد بن ثابت : "نضر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه و رب حامل فقه ليس بفقيه"  .
صحيح الجامع حديث رقم  (6763) .
قال المناوي قوله : "نضر اللّه امرأ" بفتح النون وضاد معجمة ، قال التوربشتي  :  الحسن والرونق يتعدى ولا يتعدى  ، قال الحافظ العراقي : روي مشدداً ومخففاً ، ومعناه ألبسه النضرة وخلوص اللون : يعني جمله اللّه وزينه ، أو معناه : أوصله اللّه إلى نضرة الجنة وهي يمها ، قال تعالى : ] تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ[  المطففين
(24) . وقال تعالى :  ]وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ[ . القيامة (22) . وقال تعالى :  ]فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً[ . الإنسان (11) .
وقال جرير : طرب الحمام بذكركن فشاقني ، لا زلت في فنن الرياض الناضر " أي مورف غض " وقيل : معناه حسن اللّه وجهه في الناس أي جاهه وقدره ، ثم إن قوله نضر يحتمل الخبر والدعاء  ،  وعلى كل فيحتمل كونه في الدنيا ، وكونه في الآخرة ، وكونه فيهما  "سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره  ،  فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" .
قال الخطابي  :  فيه دلالة على كراهة اختصار الحديث لمن ليس بمتناه في الفقه  ،  لأن فعله يقطع طريق الاستنباط على من بعده ممن هو أفقه منه  ورب حامل فقه ليس بفقيه بين به أن راوي الحديث ليس الفقه من شرطه ، إنما شرطه الحفظ ، أما الفهم والتدبر فعلى الفقيه ، وهذا أقوى دليل على رد قبول من شرط لقبول الرواية كون الراوي فقيهاً عالماً ، وقسم التحمل إلى شيئين  :  لأن حامل الحديث لا يخلو إما أن يكون فقيهاً  ،  أو غير فقيه ، والفقيه إما أن يكون غيره أفقه أو لا ، فانقسم بذلك إليهما . وفيه كالذي قبله ، على أن أساس كل خير حسن الاستماع  ، قال الله تعالى :       ]وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ[ . الأنفال (23) .
وقد حقق العارفون أن كلام اللّه رسالة من اللّه لعبيده ومخاطبة لهم  ،  وهو البحر المشتمل على جواهر العلم المتضمن لظاهره وباطنه  .  ولهذا قاموا بأدب سماعه ورعوه حق رعايته ، وقد تجلى لخلقه في كلامه قال تعالى : ]وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ[ يونس الآية (42) . كلام رسوله مما يتعين حسن الاستماع لأنه لا ينطق عن الهوى  . اهـ . فيض القدير .
وعن أبي هريرة t أن النبي r قال : "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عندهم ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه".
أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء برقم (6793) ، وأبو داود في الأدب برقم (4946) ، وابن ماجة (225) .
"نفس" : أزال .
"ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" معناه : من كان عمله ناقصاً لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال ، فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل.
قوله : "سهل الله له طريقا" ، أي في الآخرة أو في الدنيا بأن يوفقه للأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة ، وفيه بشارة بتسهيل العلم على طالبه لأن طلبه من الطرق الموصلة إلى الجنة ، قوله وقال أي الله عز وجل وهو معطوف على قوله ، لقول الله : "إنما يخشى الله" ، أي يخاف من الله من علم قدرته وسلطانه وهم العلماء ، قاله ابن عباس . فتح الباري (1/161).
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في هذا الحديث: فضل المشي في طلب العلم ، ويلزم من ذلك الاشتغال بالعلم الشرعي بشرط أن يقصد به وجه الله تعالى ، وإن كان هذا شرطاً في كل عبادة، العلماء يقيدون هذه المسألة لكونه قد يتساهل فيه بعض المبتدئين ونحوهم، أ.هـ. شرح مسلم .
وعنه قال : قال رسول الله r : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له". أخرجه مسلم في كتاب الوصية برقم (4199) ، والترمذي في كتاب الأحكام برقم (1376)،والنسائي في كتاب الوصايا برقم (3653).
وعن أبي الدرداء t  قال : سمعت رسول اللهr  يقول : "من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ أخذ بحظ وافر".
أخرجه أبو داود برقم (3641) ، والترمذي (3682) ، وابن ماجة (223) ، وابن حبان (88 مع الإحسان) ، وأحمد (5/196) ، والدارمي (1/98) ، والبغوي في شرح السنة (1/275-276) ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/36-37) ، والطحاوي في مشكل الآثار (1/429) ، الإيمان (25و 115) ، صحيح الجامع برقم (6297) .
وعن زر بن حبيش قال : أتيت صفوان بن عسال  t  أسأله عن المسح على الخفين فقال : ما جاء بك يا زر؟ فقلت : ابتغاء العلم فقال : إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب فقلت : إنه قد حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرءاً من أصحاب النبي r فجئت أسأل هل سمعته يذكر في ذلك شيئاً ؟ قال : نعم ، كان يأمرنا إذا كنا سفراً أو مسافرين أن لا ننـزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم فقلت : هل سمعته يذكر في الهوى شيئاً؟ قال : نعم كنا في سفر مع رسول الله r بينما نحن عنده إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري يا محمد فأجابه رسول الله r نحواً من صوته : "هاؤم" فقلت له : ويحك اغضض من صوتك فإنك عند النبي r وقد نهيت عن هذا فقال : والله لا أغضض ، قال الأعرابي : المرء يحب القوم ولما يلحق بهم ؟ قال النبي r : المرء مع من أحب يوم القيامة".
فما زال يحدثنا حتى ذكر بابا من المغرب مسيرة عرضه أو يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عاماً ، قال سفيان أحد الرواة قبل الشام خلقه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض مفتوحاً للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه".
أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات برقم (3535) ، وقال : حسن صحيح ، وأحمد في المسند (4/239) ، فقه السيرة (214) ، الإيمان ، (ص 60) .
فيه فائدة عظيمة وهو فضيلة العلم وطلب العلم والمراد به العلم الشرعي أي العلم الذي جاء به النبي r  .
وعن عائشة ، عن رسول الله e : "إن الله أوحى إلي : أنه من سلك مسلكا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة و من سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة و فضل في علم خير من فضل في عبادة و ملاك الدين الورع"  . 

صحيح الجامع حديث رقم (1727)  .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : هذا الدين قام بأمرين: قام بالعلم والبيان وبالسلاح والسنان حتى أن بعض العلماء قال: "إن طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله بالسلاح" لأن حفظ الشريعة إنما يكون بالعلم والجهاد بالسلاح مبني على العلم لا يسير المجاهد ولا يقاتل ولا يحجم ولا يقسم الغنيمة ولا يحكم بالأسرى إلا عن طريق العلم فالعلم هو كل شيء ولهذا قال الله عزوجل : ) يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [ المجادلة الآية(11) . اهـ .شرح رياض الصالحين (1/15).
وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري t قال: جاء رجل إلى النبي r فقال : إني أُبدع بي فاحملني فقال : "ما عندي" ، فقال رجل : يا رسول أنا أدُلُهُ على من يحمله فقال رسول الله  r  : "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" .
أخرجه مسلم في كتاب الإمارة برقم (4876) ، وأبو داود في كتاب الأدب برقم (5129) ، والترمذي في كتاب العلم برقم (2671) .
"أبدع بي" بضم الهمزة وكسر الدال يعني : ظَلَعتْ ركابي .
وعن أبي هريرة t ، أن رسول الله r قال : "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" . أخرجه مسلم برقم (2674) .
وروي عن ابن مسعود أنه قال : إنما العلم الخشية .
وقال الشافعي رحمه الله : كفى بالعلم فضيلة أن يدعيه من ليس فيه ، ويفرح إذا نسب إليه ، وكفى بالجهل شراً أن يتبرأ منه من هو فيه ، ويغضب إذا نسب إليه . مناقب الشافعي للبيهقي .
وقال رحمه الله : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة ، وقال : من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ، وقال ما تقرب إلى الله تعالى بشيء بعد الفرائض أفصل من طلب العلم . تهذيب الأسماء واللغات (1/75) .

 



 

0 التعليقات:

إرسال تعليق